رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي وحمدين ومرتضى.. معركة إفيهات سياسية


حينما تتحول المنافسة الانتخابية إلى معركة سلاح طرفها المشترك هو الإفيه السياسي، فأنت حقًا أمام مسرحية فصولها مملة وأبطالها لا يدركون حقيقة أن الجمهور هو من يدفع ثمنا لإفلاسهم أو قيامهم بأدوار أكبر من جاهزيتهم لها.


المقدمة مجرد محاولة متواضعة للتعبير عن حالة الإحباط التي وصلت إلى حد "القرف" من تراشق أنصار المرشحين للرئاسة بالألفاظ والعبارات وتكييل الاتهامات للمنافس وجمهوره، وصولًا إلى حد الابتعاد عن شعارات ثورية يراد للحدث الانتخابى والعملية السياسية كناتجين طبيعيين لخارطة المستقبل، ترجمتها إلى واقع يعيشه المصريون، بدلًا من تركها عرضة للصوص الإخوان يصدرونها للمهمشين طمعًا في استمالتهم وتحويلهم إلى مشروع إرهابيين جدد.

ودون المقدمة أحيى المتنافسين على مقعد الرئاسة، السيسي وصباحى ومرتضى منصور، وغيرهم ممن لم يهتم بهم الإعلام ولا تدعم سيرتهم وأفكارهم الصحافة، لكن وإلى هذا الحد لم تشهد المنافسة أكثر من استعراض إفيهات سياسية ومحاولات تسويقها بطريقة "درء مخاطر المنافس مقدم على جلب منافع المواطن"، فكان امتناع السيسي عن تقديم نفسه وبرنامجه وترك مهمة "بروزته" للمؤمنين به والمقبلين على ثقة كاملة بقدرة المؤسسة العسكرية التي خرج منها، في تحقيق أحلام المصريين وحل أزماتهم الاقتصادية والاجتماعية وضمان استقرار أمنهم ومواجهة المخاطر التي تتهدد وطنهم، حتى باتت عبارة السيسي الشهيرة "أنتم نور عينينا" أقرب إلى البرنامج والرؤية عند عشاقه، وأكبر فرصة للتندر والسخرية عند جمهور منافسيه.

في المقابل ظل النسب الفكرى لحمدين معلقًا كالسلسلة الفضة في رقبته، يتباهى به في كل خطاباته، رغم أن عبد الناصر صاحب تجربة إنسانية لها ما لها وعليها ما عليها، ولا يملك ناصر احتكارها لنفسه حتى يزعم صباحى أو من حوله أنه حامل لواء الناصرية منفردا منذ 40 سنة، ويتطرف أنصاره لتخوين "الناصريين" وغيرهم من المؤيدين للسيسي، وصولًا إلى حد ترديد أن ما حدث في 30 يونيو لا يزيد على انقلاب عسكري، وأن السيسي سيهدم إنجازات ثورتين بترشحه، وأن نجاحه يعنى عودة دولة مبارك ونظامه.

وبالأمس دخل المستشار مرتضى منصور السباق الرئاسى بخطاب أرى أن به من الولع بالذات أكثر من التركيز على زوايا محددة وواضحة لأزمات مصر في هذه المرحلة، لكن الرجل يشكر له احترامه لحقه وآخرين في المنافسة على "أي منصب" في مصر، بعد كسبه ثقة أغلبية الزملكاوية منذ أيام وعودته رئيسًا للقلعة البيضاء، إلا أن حسه الوطنى الواضح في كلامه عن مخاطر تتهدد البلاد، يهمله أنصار المنافسين له ويتحولون فجأة إلى السخرية من خطوته الجريئة، ويطرحون ضمن قفشاتهم رمزا انتخابيا له من بين مصطلحاته التي استنزفها إعلاميا خلال السنوات الماضية.

ربما لا أعلم كم القضايا التي تحدث خلالها مرتضى منصور عن فساد شخصيات ومسئولين، كما لا أملك أية إحصائيات حول عدد من حوكموا فعليًا بسبب امتلاكه مستندات أو أقراصا مدمجة ضدهم، إلا أن ما يعنينى قياس مدى قدرته على إقناعى ببرنامج انتخابى مناسب وقدرته هو شخصيا على إنجازه حال وصوله إلى منصب الرئيس.

ترقبوا مثلًا إخوانيًا ينطبق على حالة التشويه المتبادل من بعض من أنصار السيسي وبتوع حمدين وربما ينساق إليها عشاق مرتضى، لن يزيد عن كلمات "ماشوفناهمش وهم بينقلبوا.. شوفناهم وهم بينتخبوا".

وتذكروا أن مدنية الحكم ونجاح الثورة لا يترجمهما حضور حمدين تحديدا للرئاسة، وبالضرورة صعود السيسي القادم من المؤسسة العسكرية لا يعنى انقلابًا إذا ما جرى بإرادة شعبية حرة عززها دعم قوى ثورية وتنظيمات حزبية، وحتى صعود مرتضى منصور لن يمحو بسهولة فسادًا أصبح متنفسًا يوميًا لنا، والحديث عن هذا المرشح أو ذاك بتلك الطرق غير المهذبة، يجعلنا نطلب ثورة ثالثة على أصحاب هذه العقول المحترفين في صناعة الإفيهات وقت الجد لإلهائنا عن أهدافنا وحقوقنا، الباحثين عن دكتاتور جديد لنا، أو الصانعين لصنم من العجوة يطعمون به أنفسهم على حسابنا.
الجريدة الرسمية