رئيس التحرير
عصام كامل

الذكرى الأولى لأحداث الكاتدرائية.. مجهولون يهاجمون مشيعى جنازة ضحايا "فتنة الخصوص" داخل البطريركية.. الهجمات تسفر عن مقتل شاب قبطى وإصابة المئات.. المعزول يكتفى بمتابعة الأحداث.. والبابا يعلن الحداد


مضي عام على أحداث العنف التي واجهتها الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث هاجم مجهولون مقر البطريركية يوم الأحد 7 أبريل العام المنصرم، أثناء توديع جثامين 4 أقباط سقطوا قتلى على خلفية أحداث الفتنة الطائفية التي وقعت بمدينة الخصوص أثناء فترة تولى الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم.


والتي نشبت على خلفية رسم مجموعة من الأطفال صليبا معقوفا على أحد المعاهد الأزهرية بمدينة الخصوص، واستغل المتشددون تلك الواقعة لتأجيج نار الفتنة، والتي أسفرت عن مقتل عدد من الأبرياء وتدمير عدد من المحال والمنازل وجزء من مبني الخدمات الملحق بكنيسة مارجرجس والقديس ديسقورس بالمدينة.

وبين بكاء وسخط أقارب الشهداء حملوا جثامين ذويهم في نعوش للصلاة عليها بالكاتدرائية، واستقبلهم الآلاف من الأقباط بالهتافات المناهضة للرئيس المعزول محمد مرسي.

وترأس صلاة الجنازة الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس، الأنبا بطرس أسقف شبين القناطر ولفيف من الأساقفة والكهنة، على جثمان أربعة من الشهداء وهم:" مرقص كمال، 25 عاما، فكتور منقرويس 35 سنة، برسوم عطية نسيم رزق 45 سنة، وعصام تواضروس 25 سنة، والتي لحق بهم الشهيد هلال صابر هلال والذي أضرم فيه المتشددون النيران خلال الأحداث ".

وقال الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس، والذي ترأس الصلاة على جثامين ضحايا الخصوص، إن الكنيسة تودع اليوم ''لحمها ودمها''، وهم شهداء وقديسون وإن تلك المرة ليست الأولى التي يصيبنا الجرح.

وبينما تودع الكاتدرائية جثامين الشهداء إذا بملتحٍ يفتعل أزمة مع مشيعي الجنازة أمام الكاتدرائية لتبدأ حلقة جديدة في مسلسل الأوجاع والآلام.

ودار على أثر تلك المشادة والمشاحنات واشتباكات، سريعًا ما تطورت إلى استخدام عدد من معتلي الأسطح المواجهة للكاتدرائية للأسلحة النارية وقنابل المولوتوف في الاعتداء على مشيعي جثمان شهداء الخصوص.

وهو الأمر الذي استمر لساعات طويلة غاب الأمن خلالها عن المشهد، وتفاقمت الأوضاع بقدوم الشرطة، نظرًا للوفود التي جاءت من المعتدين خلف سيارات الأمن، وكأنما الأمر مدبر أو ممنهج، وإذا برجال الأمن يطلقون وابلا من القنابل المسيلة للدموع على الكاتدرائية، إلى جوار اعتداءات عدد من حاملي الأسلحة.

وأسفرت الاعتداءات عن إصابة العديد بحالات من الاختناق والإغماء فضـلًا عن الإصابات الناجمة عن إلقاء زجاجات المولوتوف ـــ وطلقات الخرطوش التي يطلقها مستقلو الأسطح المواجهة للكاتدرائية، وظل دخول سيارات الإسعاف أمرًا صعبًا بعد أن أحاطت الاعتداءات بالبطريركية من كل جانب.

وكان عدد من شباب الأقباط والمسلمين الذين كانوا ضمن مشيعي جثامين الخصوص ردوا على المعتدين برشقهم بالحجارة بشكل عشوائي وهم مستترين خلف أبواب الكاتدرائية، وفي ظل تزايد الاعتداء على الكنيسة والتي وصلت لدخول القنابل المسيلة لأعلي المقر الباباوي.

وفي سياق آخر خرج دارسو الكلية الإكليريكية بالكاتدرائية إلى الفناء وراحوا يصلون ويسبحون الله طالبين الرحمة للأرواح البريئة وحماية الجميع وإرساء السلام رغم كل الاعتداءات، وذلك في ظل غياب كافة الأساقفة والقيادات الدينية في ذلك الوقت.

وأسفرت الاعتداءات عن استشهاد شاب مسيحي من داخل الكنيسة وإصابة المئات، مما دفع الكنيسة لإنشاء مستشفى ميداني بمسرح الأنبا رويس للمساهمة في إسعاف المصابين.

وظلت الأجواء في حالة من الالتباس لساعات طويلة، حذر يشوبه الخوف، وتفقد وزير الداخلية الأوضاع مساء يوم الأحد الذي كان شاهدا على الاعتداء، وبمجرد تركه محيط الكاتدرائية زاد إطلاق القنابل المسلة للدموع تجاه الأقباط.

وأصدر البابا تواضروس الثاني حال وجوده بالدير وقت الاعتداءات بيانًا أعلن فيه الحداد وإلغاء اجتماعه الأسبوعي، ودعا الجميع للصلاة من أجل سلامة الوطن والمؤسسات الدينية فيه.

وكان الرئيس المعزول محمد مرسي أجرى اتصالًا هاتفيا بالبابا تواضروس الثاني أكد فيه أنه يتابع أولًا بأول تطورات الموقف مع وزير الداخلية والأجهزة المعنية، وأنه وجه باتخاذ كافة الإجراءات الأمنية لحماية المواطنين ومبنى الكاتدرائية إزاء أحداث العنف التي شهدها محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وأكد مرسي أن الحفاظ على أرواح المصريين مسيحيين ومسلمين مسئولية الدولة، وقال: "إننى أعتبر الاعتداء على الكاتدرائية اعتداء علىّ شخصيًّا".

وفي صباح اليوم التالي يوم الاثنين خيم الهدوء الحذر على محيط الكاتدرائية بعد انسحاب المعتدين وبقاء عدد من أفراد الشرطة، وحاول القمص متياس نصر راعى كنيسة مارمرقس بعزبة النخل، ومؤسس الكتيبة الطبية، إقناع الشباب المسيحى المتواجد داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية من مغادرتها بقصد إنهاء الأزمة القائمة بمحيط الكاتدرائية؛ ولوح للشباب بتسليمهم للأمن حال عدم الاستجابة لمطلبه.

وبعد خلوة البابا لأيام بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون للصلاة، عاد للمقر الباباوي ليلتقي أسر الشهداء ويعزيهم، ويزور مصابي الأحداث، وتلقي العزاء من المسئولين، والذي أبدى لهم استياءه من التقصير الأمني خلال الأحداث، ومن المقرر إحياء الذكري السنوية لشهداء الخصوص اليوم الاثنين بكنيسة مارجرجس الخصوص والتي يترأس الصلاة فيها الأنبا بطرس أسقف شبين القناطر.
الجريدة الرسمية