«أبوحامد الغزالي » حجة الإسلام .. أحيا علوم الدين وتصدى لـ«تهافت الفلاسفة»
اشتهر الإمام أبوحامد الغزالى بالفقه والزهد والتصوف ومحاربة البدع، ورغم أنه ترك عشرات المؤلفات القيمة، فإن كتابه «إحياء علوم الدين» هو الأشهر، وقد ملأ هذا العلامة اليتيم طباق الأرض علمًا، وقد لقّب الغزالي بألقاب كثيرة في حياته، أشهرها «حجّة الإسلام»، وزين الدين، ومحجّة الدين، والعالم الأوحد، ومفتي الأمّة، وبركة الأنام، وإمام أئمة الدين، وشرف الأئمة.
ولد أبوحامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالى عام 450 هـ الموافق 1058، فى «الطابران» من قصبة طوس، وهى أحد قسمى طوس، وقيل إنّه وُلد عام 451 هـ الموافق 1059، وقد كانت أسرته فقيرة الحال، إذ كان أبوه يعمل فى غزل الصوف وبيعه فى طوس، ولم يكن له أبناء غيرَ أبى حامد، وأخيه أحمد الذى كان يصغره سنّاً.
ويُعرَف بـ «الغزّالي» نسبة إلى صناعة الغزل التى كان أبوه يعمل بها، ويُنسب أيضًا إلى بلدة «غزالة» من قرى طوس، وقد قال عن نفسه: «النّاس يقولون لى الغزّالى، ولستُ الغزّالى، وإنّما أنا الغَزَالى، منسوبٌ إلى قرية يُقال لها غزالة».
وقد كان أبوه رجلًا صالحًا لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يحضر مجالس الفقهاء ويجالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق بما أمكنه إنفاقه، وكان يدعو الله أن يرزقه ابنًا ويجعله فقيهًا، فاستجاب الله دعاءه، فكان ابنه أبوحامد أفقه علماء زمانه ومن أكثر العلماء تأثيرا فى الناس.
وعندما اقتربت وفاة والد أبوحامد وأحمد، وصّى بهما إلى صديق له متصوف، وأعطاه كل ما ادخره فى حياته لينفقه على تربية وتعليم ابنيه بعد وفاته فلما مات أقبل الصوفى على تعليمهما حتى نفد ما خلفهما لهما أبوهما من مال، ولم يستطع الصوفى الإنفاق عليهما، عند ذلك قال لهما: «لقد أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجل من الفقر والتجريد ولا مال لى»، فأوصاهما أن يلجأ إِلى إحدى مدارس طلب العلم، ليضمنا قوت يومهما، إذ كانت مدارس العلم تصرف وجبتين للدارسين بها كما كان يفعل الأزهر فى فترة من الزمن، ففعلا، وتعلما كل علوم الدين والفقه، وكان هذا هو السبب فى علو درجتهما.
وكان الغزالى يحكى هذا ويقول: «طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إِلا لله».. بدأ الغزالى طلب العلم فى صباه عام 465 هـ، فأخذ الفقه فى طوس على يد الشيخ أحمد الراذكانى، ثم رحل إلى جرجان وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلى.
وفى عام 473 هـ رحل الغزّالى إلى نيسابور، وتلقى العلم على يد إِمام الحرمين أبوالمعالى الجوينى إمام الشافعية آنذاك، وهو رئيس المدرسة النظامية، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجدّ واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبوالمعالى الجوينى بأنه بحر مغدِق، وكان الجوينى يُظهر اعتزازه بالغزالى، حتى جعله مساعدًا له فى التدريس.
وعندما تُوفى أبوالمعالى الجوينى سنة 478 هـ الموافق 1085م، خرج الغزالى إلى عسكر نيسابور، قاصدًا وزير الدولة السلجوقية، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالى كبار العلماء فى مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل.
كان الوزير «نظام الملك» زميلًا للغزالى فى دراسته، وكان له الأثر الفعال فى نشر المذهب الشافعى الفقهى، والعقيدة الأشعرية السنّية، عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، وقد طلب من الغزالى التدريس فى هذه المدرسة ببغداد، فوافق ، ولم يكن عمره قد تجاوز الرابعة والثلاثين.
وصل الغزالى إلى بغداد فى جمادى الأولى سنة 484 هـ، فى أيام الخليفة المقتدى بأمر الله العباسى، ودرّس بالمدرسة النظامية حتى أُعجب به الناس، لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه، وأقام على تدريس العلم ونشره، بالتعليم والتصنيف مدّة أربع سنوات، حتى اتسعت شهرته، وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ «الإمام» لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية فى بغداد، ولقّبه الملك بـ «زين الدين» و«شرف الأئمة، وكان يدرّس لأكثر من 300 طالب "الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه"، وحضر مجالس الأئمة الكبار كابن عقيل وأبى الخطاب وأبى بكر بن العربى، إذ قال أبو بكر بن العربى: رأيت الغزالى ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم، يأخذون عنه العلم.
انهمك الغزالى فى البحث والاستقصاء والردّ على الفرق المخالفة بجانب تدريسه فى المدرسة النظامية، فألّف كتابه «مقاصد الفلاسفة» يبيّن فيه منهج الفلاسفة، ثمّ نقده بكتابه «تهافت الفلاسفة» مهاجمًا الفلاسفة ومبيّنًا تهافت منهجهم، ثمّ تصدّى الغزالى للفكر الباطنى (وهم الإسماعيلية)، الذى كان منتشرًا آنذاك، فقد كان الباطنيون من ذوى القوّة السياسية، حتى أنّهم قد اغتالوا الوزير «نظام الملك» عام 485 هـ الموافق 1091م، وتُوفى بعده الخليفة المقتدى بأمر الله، فلما جاء الخليفة المستظهر بالله، طلب من الغزالى أن يحارب الباطنية فى أفكارهم، فألّف الغزالى فى الردّ عليهم كتب «فضائح الباطنية» و«حجّة الحق» و"قواصم الباطنية".
وعندما تُوفى أبوالمعالى الجوينى سنة 478 هـ الموافق 1085م، خرج الغزالى إلى عسكر نيسابور، قاصدًا وزير الدولة السلجوقية، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالى كبار العلماء فى مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل.
كان الوزير «نظام الملك» زميلًا للغزالى فى دراسته، وكان له الأثر الفعال فى نشر المذهب الشافعى الفقهى، والعقيدة الأشعرية السنّية، عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، وقد طلب من الغزالى التدريس فى هذه المدرسة ببغداد، فوافق ، ولم يكن عمره قد تجاوز الرابعة والثلاثين.
وصل الغزالى إلى بغداد فى جمادى الأولى سنة 484 هـ، فى أيام الخليفة المقتدى بأمر الله العباسى، ودرّس بالمدرسة النظامية حتى أُعجب به الناس، لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه، وأقام على تدريس العلم ونشره، بالتعليم والتصنيف مدّة أربع سنوات، حتى اتسعت شهرته، وصار يُشدّ له الرّحال، ولُقّب يومئذٍ بـ «الإمام» لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية فى بغداد، ولقّبه الملك بـ «زين الدين» و«شرف الأئمة، وكان يدرّس لأكثر من 300 طالب "الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه"، وحضر مجالس الأئمة الكبار كابن عقيل وأبى الخطاب وأبى بكر بن العربى، إذ قال أبو بكر بن العربى: رأيت الغزالى ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم، يأخذون عنه العلم.
انهمك الغزالى فى البحث والاستقصاء والردّ على الفرق المخالفة بجانب تدريسه فى المدرسة النظامية، فألّف كتابه «مقاصد الفلاسفة» يبيّن فيه منهج الفلاسفة، ثمّ نقده بكتابه «تهافت الفلاسفة» مهاجمًا الفلاسفة ومبيّنًا تهافت منهجهم، ثمّ تصدّى الغزالى للفكر الباطنى (وهم الإسماعيلية)، الذى كان منتشرًا آنذاك، فقد كان الباطنيون من ذوى القوّة السياسية، حتى أنّهم قد اغتالوا الوزير «نظام الملك» عام 485 هـ الموافق 1091م، وتُوفى بعده الخليفة المقتدى بأمر الله، فلما جاء الخليفة المستظهر بالله، طلب من الغزالى أن يحارب الباطنية فى أفكارهم، فألّف الغزالى فى الردّ عليهم كتب «فضائح الباطنية» و«حجّة الحق» و"قواصم الباطنية".
بعد أن عاد الغزّالى إلى طوس، أقام فيها بضع سنين، وما لبث أن تُوفى يوم الاثنين 14 جمادى الآخرة، 505 هـ، الموافق 19 ديسمبر 1111م، فى «الطابران» فى مدينة طوس، ولم يترك من ذريته إلا البنات.
وقد روى أحمد -أخو الغزالى- قائلا: «لما كان يوم الإثنين وقت الصبح, توضأ أخى أبو حامد وصلّى، وقال علىّ بالكفن، فأخذه وقبله، ووضعه على عينيه، وقال: سمعًا وطاعة للدخول على الملك، ثم مد رجليه واستقبل القبلة ومات قبل الإسفار، وقد سأله قبيل الموت أحد أصحابه، فقال له: أوصنى، فقال: عليك بالإخلاص، فلم يزل يكررها حتى مات».
دُفن الغزّالى فى مقبرة «طابران»، وكان قبره هناك ظاهرًا وبه مزار، أمّا حاليًا فلا يُعرف قبر ظاهر للغزّالى، إلا أنه حديثًا تم اكتشاف مكان فى طوس قرب مدينة مشهد فى إيران، حيث يُعتقد أنه قبر الغزالى والذى أمر رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان بإعادة إعماره -خلال زيارته إلى إيران فى ديسمبر 2009- وقد ادّعى البعض أن قبر الغزالى موجود فى بغداد، وليس فى طوس، بينما يؤكد أستاذ التاريخ بجامعة بغداد الدكتور حميد مجيد هدو بأن قبره فى طوس، وأن ما يتناقله الناس حول دفن الغزالى ببغداد، مجرد وهم شاع بين العراقيين، لأن المدفون فى بغداد هو شخص صوفى يلقب بالغزالى، وهو مؤلف كتاب «كشف الصدا وغسل الرام»، وجاء إلى بغداد قبل نحو ثلاثة قرون، وبعد فترة من وفاته جاء من قال إن هذا قبر الغزالى، وهو وهم كبير وقع فيه الناس.