رئيس التحرير
عصام كامل

الحد الأدنى للأجور وراء زيادة الاحتجاجات العمالية.. غياب آلية واضحة للتفاوض بين الحكومة والعمال.. تصريحات المسئولين سبب تأجيج الإضرابات.. ومطالب ببرامج إصلاح قطاع الأعمال العام وتطهيره من الفساد


قدمت دار الخدمات النقابية والعمالية دراسة حول "الاحتجاجات العمالية والحقوق المشروعة"، أكدت خلالها أن قرار الحد الأدنى للأجور، وإهمال شركات قطاع الأعمال العام، وعدم تطهير مؤسسات الدولة من الفساد، واستمرار اتحاد العمال الحكومي في دوره المضلل للعمال والمنحاز للحكومة، الأسباب الرئيسية وراء الموجة الأخيرة من الاحتجاجات التي اندلعت في الفترة الأخيرة.


وقالت الدار في الدراسة التي تم استعراضها اليوم الأربعاء: "خلال الأيام الماضية اندلعت موجة إضرابية جديدة شارك فيها عمال من قطاعات اقتصادية مختلفة "صناعية – خدمية"، ورغم اعتراف الجميع بعدالة مطالب العمال المضربين، إلا أن هناك من راح يعيد نفس الاتهامات القديمة التي وُجهت للعمال المضربين مثل العمالة، وأنها تأتى ضمن خطة خارجية تستهدف زعزعة الاستقرار، وأنه لا وقت للمطالب الفئوية".

ولفت التقرير إلى أن بداية موجة هذه الإضرابات بدأت في شهر سبتمبـر من العـام الماضى حين أصدر وقتها رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي رئيـس الوزراء قرارًا مفاجئًا بتحديد الحـد الأدنى للأجور 1200 جنيه على أن يوقف تطبيق القرار على موظفى الدولة فقط، إلا أن الجميع استقبل القرار بكثير من التشكيك.

وأضاف "القرارات المنفذة للحد الأدنى للأجور في يناير الماضي جاءت محبطة لآمال العاملين بالدولة، فقد تحول الحد الأدنى طبقًا لهذه القرارات إلى مجرد علاوة لا تتناسب بأى حال مع الارتفاعات التي حدثت في الأسعار منذ أن أعلن رئيس الوزراء قراره في سبتمبر من العام الماضى، كما أن مفاوضات الحكومة مع رجال الأعمال التي استهدفت تنفيذ قرار الحد الأدنى على عمال القطاع الخاص لم تصل إلى أي نتيجة".

ورصدت الدراسة الاعتصامات والإضرابات العمالية التي شهدتها تلك الفترة فكان أولها اعتصام عمال شركة الحديد والصلب، والذي بدأ في 26 نوفمبر 2013، واستمر لمدة تسعة عشر يوما، وفى يوم 14 ديسمبر فض عمال الشركة اعتصامهم، وذلك بعد أن تم التوصل إلى اتفاق مكتوب مع الحكومة ممثلة في وزيرى التضامن الاجتماعي والصناعة.

وجاء بعده إضراب عمال شركات قطاع الغزل والنسيج، حيث بدأ يوم 10 فبراير 2014 بعمال شركة غزل المحلة التي يعمل بها 22 ألف عامل وعاملة، واستمر الإضراب لمدة 12 يوما متتالية، شارك خلاله عمال من 12 شركة، وفي يوم 22 فبراير 2014 بدأ العاملون بهيئة النقل العام إضرابا عن العمل وذلك بناء على دعوة النقابة العامة المستقلة، واستمر الإضراب لمدة 6 أيام حتى تم تعليقه، فضلا عن إضراب العاملين بهيئة النقل العام بمحافظة الإسكندرية لمدة 11 يوما متتالية بدأت في يوم 9 مارس 2014.

وبدعوة من الاتحاد النوعى للعاملين بهيئة البريد المصرية، بدأ يوم 23 فبراير 2014 عمال الهيئة البالغ عددهم 52 ألف عامل وعاملة إضرابا عن العمل في العشرات من مكاتب البريد على مستوى الجمهورية استمر قرابة أسبوعين، ثم جاء بعده إضراب موظفي الشهر العقارى التابع لوزارة العدل داخل مكاتبهم البالغ عددها 331 مكتبا بكل المحافظات المصرية، واستمر لما يقرب من أسبوعين على التوالى.

فيما يواصل عمال الشركات المخصخصة والمتوقفة للشهر الثانى على التوالى في مقر اتحاد العمال ممثلين عن عمال العديد من الشركات التي تم بيعها في برنامج الخصخصة وتم الحكم القضائى بعودتها إلى الدولة للمطالبة بتشغيلها وعودتها إلى القطاع العام وهي "عمال طنطا للكتان وغزل شبين والمراجل البخارية".

وفي يوم يوم 19 مارس 2014 ولمدة خمسة أيام متتالية بدأ عمال مجمع الألومنيوم البالغ عددهم 16 ألف عامل وعاملة اعتصاما مفتوحا داخل الشركة أمام مبنى الإدارة بساحة المجمع، للمطالبة بإقالة زكى بسيونى رئيس الشركة القابضة لتجاهله مطالب العاملين، وتطهير الشركة من الفساد ومحاسبة المسئولين عن إهدار الملايين من أموال الشركة.

واستنتجت الدراسة من خلال هذه الموجة الاحتجاجية غياب آلية واضحة للتفاوض بين الحكومة والعمال وهو ما ساهم ليس فقط في اندلاع الإضرابات لكن في طول فترة الإضراب، وانكشاف اتحاد العمال الحكومى حيث إن الملاحظ أن النقابات المستقلة هي التي قامت بتنظيم تلك الإضرابات وبالمفاوضة، وضعف الأداء الحكومى، خصوصا أن تصريحات بعض المسئولين كانت سببا في تأجيج الإضرابات العمالية وطول مدتها، بالإضافة إلى فقدان الثقة من قبل العمال في وعود المسئولين.

وأوصت الدراسة بإعادة النظر في تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور وعمل قانون يتوافق مع المعايير الدولية، ويحقق العدالة في الأجور، وخلق آلية مستدامة للمفاوضة الاجتماعية بين العمال والحكومة، وتنفيذ برامج إصلاح شركات قطاع الأعمال العام وتطهيرها من الفساد، وإعادة تشغيل الشركات المتوقفة والشركات التي عادت ملكيتها للدولة بحكم قضائى.


الجريدة الرسمية