رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الخالق:"اغتيال البنا"فى "ذمة التاريخ"..وخطة قتله بدأت مع ترشحه للانتخابات

 الدكتور محمد فريد
الدكتور محمد فريد عبد الخالق

عندما علم بأن الحديث سيكون حول لحظة اغتيال رفيقه الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، قرر الدكتور محمد فريد عبد الخالق التغلب على مرضه، وظروف سنه التى تقترب من المائة، والرجوع بالذاكرة إلى فترة الأربعينيات، ليحكى لنا ملابسات تلك الليلة الفارقة فى تاريخ الجماعة، عبد الخالق هو أحد قيادات الرعيل الأول للإخوان، وقد شغل عضوية مكتب الإرشاد فى عهدى حسن البنا وحسن الهضيبى، ويرى أن المصلحين دائما ما يبدأون حركاتهم الإصلاحية فى سن 42 بينما حسن البنا أنهى حياته بكل إنجازاتها فى سن 42، رغم أنه كان غير مبشر بحدوث مثل هذا الانتشار فى تاريخه المبكر، حيث كانت بدايته متواضعة فى الإسماعيلية ، لكن يومًا بعد يوم كبر الحلم.. حتى تصدرت الجماعة المشهد السياسى المصرى بعد 82 عامًا من البذرة التى زرعها المؤسس فى ثلاثينيات القرن الماضى ....فإلى نص الحوار


> ما الظروف السياسية التى سبقت اغتيال البنا؟

كانت الأوضاع فى مصر ضبابية إلى أبعد مدى، حيث تواجد الاحتلال البريطانى، ونظام ملكى ونظام برلمانى ضعيف، وتهديد صهيونى للمنطقة العربية بأثرها، يضاف إلى ذلك الأوضاع الاجتماعية والسياسية المتأزمة، فقد كانت هناك فروق اجتماعية غير عادية، حيث طبقات الأثرياء فى مواجهة العامل البسيط الذى لا يتمتع بالعدالة الاجتماعية، وإقطاع صارخ قسم الشعب إلى أغنياء وفقراء، وأحب فى هذه النقطة تحديدًا أن أقول إن البنا هو من تنبأ بحدوث ثورات الربيع، بفراسته وبعد نظره، فكان دائمًا ما يردد "أن الشعوب إن لم تعط حقوقها فسوف تثور لكى يسترد الشعب ما ضاع من حقه فى الحياة سواء من الناحية السياسية، أو الاجتماعية أو الاقتصادية والناحية المعرفية" كما أنه لم يكن داعية لثيوقراطية دينية كما يزعم البعض ، فالإسلام لا يعرف الدولة الدينية أو "الثيوقراطية"، ولا "الفتن الطائفية".

> متى بدأ التفكير الفعلى لاغتيال حسن البنا؟

التفكير فى اغتيال البنا بدأ عام 1942 حينما قرر الترشح فى الانتخابات البرلمانية، لحظتها شعر النحاس باشا رئيس الوزراء بالخطر وأكثر منه هو المستعمر الذى شعر بأن وجود البنا وشعبيته أصبح خطراً يهدد مصالحهم داخل مصر، وبالفعل ذهبوا للنحاس باشا وهددوه باحتلال القاهرة فى حال ترشح حسن البنا فاستدعى النقراشى الإمام، وأنا حينها كنت مسئولًا كبيرًا بالجماعة وقريب الصلة والاحتكاك بحسن البنا فكانت العلاقة وطيدة بيننا، فرد البنا على النقراشى بأن الإسلام كمنهاج وأسلوب حياة يقضى بأن نقدم المصلحة العامة على مصالحنا الذاتية ولكنى سأرجع إلى مكتب الإرشاد للوصول إلى قرار وبإذن الله نصل للقرار الذى يجنب الوطن شر الاحتلال وبالفعل حدث اللقاء، وقبل التنازل عن الترشح حرصاً على مصلحة الوطن العليا .

أما البعد الثانى الذى أدى للاغتيال فهو قضية فلسطين، واهتمام حسن البنا بها ورؤية إسرائيل أن ذلك تهديداً لرغبتها فى إقامة دولة إسرائيلية فى فلسطين والاحتلال بالإكراه، فكان حسن البنا هو أول من تحرك لمقابلة المفتى “أمين الحسينى” ، وأمين جامعة الدول العربية “عبد الرحمن عزام” وكنت معه فى تلك المقابلة ، فكان يدعو إلى الوحدة العربية لكى تلتقى الشعوب كلها حول المفاهيم التى بها تستطيع تحرير فلسطين واسترداد حقوقها .

> كيف استقبلتم نبأ اغتيال الإمام حسن البنا ؟

علمنا بنبأ الاغتيال ونحن فى المعتقل ، فالفترة ما بين قرار حل الجماعة والاغتيال كانت قصيرة جداً لا تتعدى العام الواحد ، وعندما علمنا باغتياله كان تفكيرنا الشاغل هو كيفية سد الفجوة والفراغ الذى سيتركه المؤسس والقائد حسن البنا باستشهاده فى هذا المعترك السياسى، ومن الذى سيتولى الخلافة بدلاً منه ، وبالفعل وقع الاختيار على “حسن الهضيبى” ثانى مرشد لجماعة الإخوان المسلمين، ونؤكد على أن “ الاغتيال حدث منذ بداية معرفة الإنجليز بخطورة حسن البنا ثم اشتراك الإخوان فى 1948 “، لذا فقد كانت عملية اغتياله مؤامرة أجنبية تتعلق بمصالح الغرب فى مصر وإسرائيل ومصالحها فى فلسطين .

> هل كان هناك اتفاق بين القصر وحسن البنا على مساندة الجماعة للملك ثم أخلت بالاتفاق ؟

لا يوجد أى اتفاق من هذا النوع على الإطلاق، فقد كان هناك عداء ورغبة فى الإقصاء، وخاصة بعد الإعلان عن نية البنا الترشح للانتخابات البرلمانية عام 1942، وكان اغتياله بمثابة انتقام من السعديين لمقتل “النقراشى” فقرروا اغتيال حسن البنا ، لذلك فليس هناك أى اتفاق بين البنا والقصر بالأساس ، فالعلاقة مع القصر مرت بمرحلتين الأولى مرحلة تفاؤل الناس بوجود ملك شاب مثله وتنبأوا بأن الحرية ستكون على يده، وتحرير البلاد أيضاً، وللأسف لم يحدث فالمجموعة التى كانت حوله كانت حريصة على أن يكون وجوده مرضياً لمصالح المحتل الأجنبى، وبالتالى تغيرت نظرة المصريين عامة والإخوان بصفة خاصة لفاروق، فبعد أن كان ينظر إليه على أنه عنصر للإصلاح والتغيير أصبح من أحد العيوب التى تنوء بها البلد، ومن ثم تحولت العلاقة (الأمل إلى النبذ) ولم يكن هناك أية علاقات خاصة بين القصر والإخوان.

> لماذا لم تسع جماعة الإخوان لكشف حادث الاغتيال ؟

مسألة اغتيال حسن البنا أصبحت فى ذمة التاريخ، وقد عرف بعد استشهاده أن “السعديين” اغتالوه للانتقام من الجماعة ردًا على مقتل النقراشى، وكان ذلك مصادفاً لهوى المستعمر الذى كان يريد الخلاص من حسن البنا .. وأطراف القضية جميعهم الآن فى ذمة الله فممن سيكون القصاص ؟!

> هل تنبأ البنا بوجود نية مبيتة لقتله ؟

هذا الأمر كان واضحاً للجميع، وأولهم حسن البنا ، فقد كان لديه حرس خاص، وقامت السلطات بسحبه، وقتها .. بدأ يفهم بذكائه أن النظام الحاكم الذى عين له هذا الحرس يريد أن يخلى مسئوليته عن الحادث عند وقوعه، فشعر حينها بخطر داهم قادم على حياته .

الجريدة الرسمية