ميادة أشرف.. وإرهاب المطرية وعين شمس
جاء استشهاد الزميلة الصحفية ميادة أشرف مساء أمس قرب مزلقان عين شمس، لتكون الضحية الثانية من الصحفيين لإرهاب جماعة الإخوان بشرق القاهرة، بعد الزميل الحسينى أبو ضيف ضحية أحداث الاتحادية، يضعنا أمام تساؤلات عدة بعضها يعنى بخطورة أوضاع البلاد الأمنية وتداعياتها على حياة الصحفيين والإعلاميين، والآخر يخص قصر يد الأمن في القضاء على إرهاب الإخوان بمناطق شرق العاصمة،حدائق القبة،الأميرية والزيتون،المطرية وعين شمس والألف مسكن وعزبة النخل وامتداداتها.
وميادة أشرف لن تكون الضحية الأخيرة بين الزملاء الصحفيين سواء كانوا نقابيين أو غير نقابيين، متمتعين بمظلة حماية تأمينية أو عاملين بالقطعة لدى صحفهم بلا رقابة نقابة ترهن حصولهم على شرف عضويتها بأرشيف صحفى لهم وعقد عمل وتأمينات بيد صاحب الجريدة، بالتناقض مع قانون يجرم ويلاحق المشتغلين بالصحافة من غير المنتمين نقابيًا..!!
ميادة خرجت من قرية اسطنها بمركز الباجور بالمنوفية كغيرها من الشباب والشابات باحثة عن نفسها وحلمها وأهلها في تفوق ونجاح وتحقيق ذات، لكن قسوة المهنة وطبيعتها في ظروف مضطربة وميراث من التخلف التشريعى لقوانين الصحافة والعمل، أنهت حياتها بعد عام وبضعة أشهر من دفن زميلها الحسينى، بينما نفس القوانين ونفس أعضاء مجلس النقابة ونفس السياسات التي تدار بها الصحف وعلاقة الصحفى بمؤسسته ونقابته مستمرة بلا تغيير، فلا أحد اجتهد لحل كوارث وأزمات يحياها الصحفيون الشباب والمسنون، ولا عضو مجلس نقابة أو بالأعلى للصحافة سعى لتحقيق مطالب زملائه في الحماية التأمينية والعمل في مناخ آمن على حياتهم ومستقبل أسرهم.
في المقابل كانت مشاهد العنف الإخوانى المسلح الذي أنهى حياة أبو ضيف وبعده ميادة، وانتشار عصابات الجماعة المسلحة بمناطق شرق القاهرة الشاهدة على قتل الزميلين والمواطنين في شوارعها، وتكرار جرائمهم دون ردع أمني حقيقى أو إعادة دراسة وتقييم للموقف بها ووضع خطط جادة للتعامل معها والسيطرة عليها.
لاحظ أن مجتمع شرق العاصمة بمناطقه المذكورة الذي يدرك سماته أساتذة العمران وعلم الاجتماع والجريمة، هو مجتمع متحول من زراعى إلى سكنى خلال العقود الأربعة الماضية، مثل مناطق أخرى بالجيزة كالوراق وإمبابة والعمرانية والمريوطية وكرداسة،وشبرا وقليوب والخصوص بالقليوبية،ومناطق الطريق الدائرى ومنافذه،وجميعها تقع خارج سيطرة الأمن وقت الأزمات وتسودها الجريمة المجتمعية دون انقطاع،وغلبت عليها الجريمة السياسية والانفلات الأمني خلال ثلاث سنوات تالية على ثورة يناير.
في المطرية وعين شمس وعزبة النخل ظهرت أكبر معدلات للمخالفات البنائية،وسلبت معها أراضى قصور تاريخية وانتهك معها حرم المنطقة الأثرية الأكبر،مدينة أون صانعة التاريخ،وحضرت داخلها أعلى جرائم العنف المسلح قبل وبعد عزل مرسي من الحكم،بخلاف انتشار البطالة والمخدرات،حتى باتت أسلحة الخرطوش والآلية بأيدى الإخوان كافة وأغلب العائلات المتحالفة معهم.
نفس الامتداد للعنف والإرهاب القذر في مناخ يحمل ذات الأسباب، وصل مناطق الزيتون وحدائق القبة،حتى إن ادعاءات النائب السوبر زكريا عزمى رئيس الديوان حول استقرار دائرته واستتباب الأمن بها،بعد حادث محل مجوهرات شارع نصوح الشهير عام 2008،تجاهلت وجود جمهورية العزيز بالله التي تخرج منها طوائف العنف المسلح بوجه المواطنين والإخوة المسيحيين والشرطة وحراس المنشآت السيادية على السواء،دون استئذان،حتى بسطت سيطرتها على دعاة عنف بدور عبادة مجاورة للاتحادية خرجت منها جحافل الإرهاب ضد السلميين،وكذا الحال بالنسبة لأربابهم على بعض منابر الأميرية والحدائق والوايلى والشرابية،والمطرية بعشوائياتها التي شهدت يوما تحالفًا مشبوهًا بين مرشحى الوطنى والإخوان وعائلاتهم في معركة برلمان 2005 ثم الاعتداء على كنيسة التوفيقية في نوفمبر 2008،تكرر بشوارعها مشهد لافتات تأييد الجماعة ومرشحها للرئاسة بعد ثورة يناير،من قبل عائلات تدرك أجهزة الأمن سيرتها تماما.
تذكروا معى مشهدين،الأول سلمية أهالي الدويقة ومنشية ناصر كمنطقة مصنفة كأكبر عشوائية،مقابل العنف المسلح في مناطق بالقاهرة الكبرى،تحولت بفعل الفساد من زراعية إلى سكنية تقطنها شرائح صاعدة أو متآكلة من الطبقة الوسطى.
أما الثانى فتكرار الكذب الإخوانى لإرهابيين يصنفون الزميلة ميادة أشرف كواحدة منهم،كما قالوا عن الراحل الحسينى أبو ضيف، رحمهما الله وأسكنهما جنة لا يشاركهما فيها زبانية الجماعة الإرهابية.