رئيس التحرير
عصام كامل

الدرس الذى نسيناه..!


- قبل اندلاع ثورة 25 يناير بيومين، حضرت احتفال الشرطة بعيدها، وإذا بصحفى زميل يسأل وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى عن أحوال الأمن فى البلاد.. فرد العادلى بلغة لا تخلو من استعلاء وغرور مفرط بأن الأوضاع مطمئنة، ولا يوجد ما يدعو للقلق أو الخوف، ساخراً من الدعوات التى أطلقها الشباب وملأت صفحات الفيس بوك للتظاهر فى يوم عيد الشرطة الموافق 25 يناير2011 ضد التعذيب والسحل وامتهان كرامة المواطن فى الأقسام والسجون والمعتقلات.. واصفاً - أى وزير الداخلية - أصحابها بأنهم «قلة مندسة» تبغى خراب وتهديد استقرار مصر، ومن قبله قال رئيس الوزراء إن الدولة ذات أنياب وليست ضعيفة..!


- ولم تمر إلا ساعات معدودة بعد تلك التصريحات حتى تفجرت الأوضاع وانقلب رأساً على عقب، واحتشدت الجماهير من كل صوب وحدب فى ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر.. ولم تفلح أجهزة الأمن ولا رموز النظام السابق وخططه فى إخماد غضبهم ولا إعادتهم إلى بيوتهم.. وعمت الثورة البلاد طولًا وعرضًا وتهاوت أعمدة الغطرسة وأوهام القوة تحت وطأة الغضب.. ودفع النظام كله ثمن الاستهانة بمطالب الجماهير وثورتها.. ولم يستطع الحزب الحاكم حينذاك ولا أجهزة حكومته على كثرتها قراءة المشهد الثورى على حقيقته، ولا ما سبقه من رسائل احتجاجية لم تنقطع يومًا على مدى عام 2010 وما قبله، وجوبهت بالقمع والتجاهل والحلول الأمنية حتى فاض بها الكيل وانتهى الأمر بإسقاط النظام ولم تنفعهم قوة القمع والاستبداد فلقنهم الشعب الذى أسقطوه من حساباتهم درسًا بليغاً أبهر الدنيا كلها.

- وبالأمس القريب حلت الذكرى الثانية لثورة 25 يناير التى أعادت الأمل والقيمة والاعتبار للإنسان المصرى وبددت أوهام الخوف والاستسلام والخنوع للسلطة ولم تعد مستعدة - تحت أى ظروف - للتنازل عن العيش بحرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.. لم تعد الجماهير التى ضحت بدمائها الذكية تقبل بغير مجتمع العزة والعدل والحق فى تقرير المصير، ولا مستعدة أن تفرط فى تحقيق تطلعاتها المشروعة فى دولة القانون وتكافؤ الفرص والشفافية والحقوق المصونة للجميع، ولم يعد فى مقدور أى سلطة أن تتجاهل مطالب الثورة التى أعادت للمواطن كرامته، وجعلت لصوته ورأيه قيمة لا يمكن تجاهلها من جانب أى حكومة.

- لذلك.. تألمنا كثيراً لمشاهد العنف والسحل التى حدثت أمام قصر الاتحادية للمتظاهرين مما أساء لصورة مصر أمام العالم كله..

لقد صارت كرامة المصرى خطًا أحمر.. وأن ما حدث لا يجب أن يمر دون عقاب ومحاسبة شديدة!

وإذا كنا ندين العنف بكل أشكاله.. فإننا نؤكد أن الحوار والحلول السياسية وليست الحلول الأمنية هى وحدها الطريق لتهدئة الشارع وحل المشاكل والأزمات ومواجهة الأخطار الكبيرة التى تهددنا جميعاً إذا ما استمرت دوامة العنف والانقسامات والتخوين والاستقطابات تهيمن على مصائر البلاد والعباد.

الجريدة الرسمية