رئيس التحرير
عصام كامل

مدير مستشفى العباسية: لدينا مرضى من الخمسينيات أهلهم لا يسألون عنهم

فيتو

  • الإعلام يتحمل مسئولية تشويه صورة المرضى النفسيين
  • زيادة حالات الاكتئاب بعد ثورة يناير
  • المستشفى يضم مرضى من كل ألوان الطيف المجتمعى
  • التبرعات المادية لا تصل إلينا ونتلقى العينية فقط
  • 15 مريضا يتم حجزهم في المستشفى يوميا
  • 3200 طفل يتردد علينا في العام 
  • لدينا مرضى كثيرون تماثلوا للشفاء تمامًا ولا يريدون الخروج

من داخل أسوار مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بحثًا وراء الحقيقة، أجرينا بعض اللقاءات.. قال الدكتور مصطفى حسين سلطان مدير مستشفى الأمراض النفسية والعقلية إن إلقاء الضوء على ما يحدث داخل هذه الأسوار.. وهل الصورة التي تركها الإعلام المصرى منذ "إسماعيل يس في مستشفى المجانين" حقيقة أم دراما مبالغ فيها.

*متى أنشئ المستشفى ولماذا سمي بـ "السرايا الصفراء " ؟

مستشفى "العباسية" هو أقدم المستشفيات في مصر، حيث أنشئ عام 1880، وكان قصرًا لأميرة من الأميرات فحدث به حريق داخل أقسام الخدم فأخلي من الخدم الموجودين، وتم نقل المرضى إلى هذا المكان وكان باللون الأصفر من أجل ذلك سميت بـ"السرايا الصفراء".

*ما سعة المستشفى وما هو تقسيمه ؟

سعة المستشفى 1500 سرير وبعد التوسعة ستكون 1700 سرير مقسمة إلى رجال وسيدات، وهناك مشكلة التكدس الموجود داخل المستشفى لأن هناك مرضى كثيرين تماثلوا للشفاء تمامًا وما زالوا موجودين داخل المستشفى ولا يريدون الخروج منه، لأن المستشفى أصبح منزلهم وحياتهم، فهم انعزلوا عن العالم الخارجى تمامًا وذلك بسبب أن "المجتمع" لا يقبلهم، فالأهل يرفضون استقبالهم ويتبرءون منهم والمجتمع لا يقبلهم، ولا ننسى الدور السيئ للإعلام الذي أحمله المسئولية كاملة عن تشويه صورة المرضى النفسيين، ولا ننسى الأعمال الدرامية وأفلام إسماعيل يس الذي شوهت صورة المرضى النفسيين وأعطت طابعا للعالم الخارجى أن من يدخل المستشفى "مجنون".

*ما عدد المرضى الذين يترددون على المستشفى يوميا ؟

يوجد عيادات تخصصية وعيادات عامة، فالعامة يأتى إليها نحو 300 مريض يوميًا يتم حجز من 10 إلى 15 مريضا منهم يوميًا في المستشفى.

*ما هي الأقسام المتواجدة بالمستشفى ؟

الأقسام التخصصية ومنها: قسم الإدمان وهو قسم خاص داخلى يسع 72 سريرا وسيكون 120 سريرا بعد التوسعة، وهناك قسم لإدمان السيدات لأول مرة في مصر يسع إلى 30 سريرا، ويوجد لدينا منهم 8 حالات، وهناك عيادات الأطفال تقدم خدمة مميزة بالمجان وهناك قسم للتوحد لدى الأطفال مش موجود في مصر كلها إلا هنا للأطفال التي تفتعل مشاكل مع الأهل والتواصل مع المدرسة، فيضطر الأهل إلى إيداعه مدرسة تأهيلية ولكننا أنشأنا هذا القسم حديثًا، كما توجد عيادة المراهقين، من سن 12 إلى 18، وعندنا أقسام المسنين، وعندنا قسم للعسكريين الذي يتحول من وحدته العسكرية بأنه مريض نفسى ونقرر أنه مريض أو غير ذلك بعد الكشف عليه، فإن كان مريضا يخرج من الجيش ويحصل على معاش، ولو كان غير مريض نرسله إلى وحدته ويكمل جيشه، وهناك قسم "الطب الشرعى" للمتهمين، وهذا القسم لا يوجد إلا في مستشفى العباسية وهو للمرضى المتحولين بقرار من النائب العام، الذي عندهم اشتباه أنهم مرضى نفسيون، فنحدد لجنة وتقوم بالكشف عليه، فنقدم تقريرها للنائب العام هل هو مسئول عن تصرفاته أم غير مسئول وقت ارتكاب الجريمة، فإن كان مسئولًا يتم الحكم عليه وإن كان غير مسئول يودع في المستشفى بحكم قضائى حتى يتم علاجه.

*ما الإجراءات المتبعة عند حدوث مرض عضوى للمرضى ؟

هناك قسم للمرضى المتواجدين في المستشفى، يوجد لدينا قسم للباطنة والجراحة وقسم للأشعة، وتوجد هناك أقسام مكملة للعلاج الدوائى وهى الأقسام التأهيلية، مثل الرسم والمسرح والرحلات بمعنى أوضح ( العلاج بالعمل)، وهناك القسم المجتمعى وننتقل فيه إلى المريض فى منزله، فى حالة تعثر نقل المريض إلى المستشفى، وهناك حالات مزمنة نضطر إلى نقلها للمستشفى ونحن متعاقدون مع مستشفى "أم المصريين" ويرسل مع المريض ممرض من مستشفى العباسية إن استدعت الحالة ذلك، ولكننا نكون في حالة تواصل مع المستشفى في حالة وجود أي تطور بحيث ننتقل على الفور إلى المستشفى.

*ما هي المشكلات التي يعانى منها المستشفى ؟

مستشفى العباسية مستشفى حكومى يعانى من جميع المشاكل الموجودة في كل المستشفيات الحكومية من صيانة وميزانية وتدريب وكفاءات وكادر، لكن المشكلة أننا هنا نتعامل مع المرضى على أنهم مرضى نفسيون، وليسوا مجانين، فيجب على المجتمع أن يتقبلهم إلا أننا سنقوم بعمل حملة مكبرة داخل مصر ونعقد ندوات داخل المراكز والقرى بالاشتراك مع الإعلام ومع الوزارة، لتوعية الناس عما هو المرض النفسى، ويجب على المريض أن يذهب للمستشفى فورًا إذا ظهرت عليه علامات المرض النفسى.

*وهل بالفعل زاد عدد المرضى النفسيين بعد ثورة 25 يناير ؟

توجد زيادة في المرضى النفسيين بعد ثورة يناير، ولكن هذا يرجع إلى تقبل الناس إلى المستشفى ولكن لا توجد زيادة في المرضى المزمنين ولكن زيادة في الحالات العادية مثل الاكتئاب وذلك من تأثير الظروف، التي شهدتها البلاد.

*هل أهالي المرضى يعتبرونهم عارا ؟

يوجد مرضى في المستشفى لا يسأل عنهم أهلهم ولا يتقبلونهم بعد شفائهم، فعندنا مرضى منذ الخمسينيات والستينيات، وكانت أبرز حالة هي مريضة فوق الـ 90 عاما من عمرها، وهى متواجدة في المستشفى منذ أكثر من 50 عاما، ولا تعرف شيئا عن أهلها ولا يوجد أحد من أهلها يسأل عنها.

*ما هو عدد الأطفال المتواجدين بالمستشفى والأمراض التي يعانون منها ؟

خلال سنة تردد علينا 3200 طفل، وأكثرهم يشكون من مرضين هما " التوحد ومرض فرط الحركة ونقص الانتباه "، التوحد: هو عدم التواصل مع الآخرين من حوله، كالطفل الشقى يخبط ويضرب وعنده طاقة زيادة وهو ليس مدركا، ويوجد مرض فرط الحركة ونقص الانتباه ولكنه قليل.

*هل المريض النفسى له حق الدخول والخروج من المستشفى دون اتخاذ إجراءات معقدة ؟

قانون الصحة النفسية رقم 71 المادة 10 تنص على أن " المريض النفسى له الحق في الدخول بإرادته والخروج بإرادته دون استئذان أحد من أهله" والمادة 13 تنص على أن " المريض غير المستقر والخطر على نفسه أو خطر على غيره والخطر على المجتمع، يتم دخوله عن طريق أهله أو عن طريق الشرطة ولا يتم خروجه إلا عند تحسنه ونزوله للمادة 10 وعند هروبه تبلغ الشرطة فورًا" فالمريض الواقع تحت المادة 10 له الحق في أخذ العلاج أو رفضه أو خروجه بكامل إرادته والطبيب أو فرد التمريض الذي يخالف ذلك يتعرض للمساءلة القانونية.

*هل توجد جميع فئات المجتمع بالمستشفى ؟

توجد لدينا حالات من جميع الفئات الفقيرة والغنية، ولكن الأكثر من المناطق الفقيرة "العشوائيات" وذلك لوجود العلاج بالمجان ولا يوجد لدينا حالات من الفئات الثرية إلا عندما تستعصى في الخارج فيضطروا إلى اللجوء للمستشفى هنا.

*ما هي المشكلات التي يعانى منها المستشفى ؟

الميزانية لا تكفى لأنها تبرعات عينية، وهذا أفضل للمستشفى لأن التبرعات المادية ربما لا تصل للمستشفى، نحن الآن نحاول أن نحول المريض إلى منتج وهذا هو العلاج بالعمل، يوجد لدينا ورشة حدادة وورشة نجارة، ومسرح، وورشة للأحذية وعندنا مصنع ملابس، وهناك أعمال إدارية كالبوفيه، والشئون القانونية، وعن أخطر الحالات الموجودة لدى المريض النفسى، هو حالة الميول الانتحارية هذه الحالات نقبلها فورًا، ولا يمكن ردها، وأفضل العلاج لهذه الحالات هي العلاج بالكهرباء، فهو أفضل علاج لهذا المريض وأكثر أمنا.
الجريدة الرسمية