شقق الإسكان ووحدات الجيش والإمارات
أسبوع من الأمل في تغيير شيء ما في حياة كثير من المصريين الذين يعانون غياب مسكن مناسب يستعيدون معه القدرة على الأحلام، طرح خلاله الجيش مشروعًا لبناء مليون وحدة سكنية بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، فيما وقع وزير الإسكان الجديد الدكتور مصطفى المدبولى بروتوكول تعاون مع 4 بنوك مصرية كبرى لتحسين شروط التمويل العقارى لوحدات محدودى ومتوسطى الدخل.
المشروع الأول يشترك مع مبادرة البنوك والإسكان في أن كليهما جاء اتساقًا مع اعتراف حكومى بخطأ تاريخى حينما جرى تسليم رجال الأعمال ملف الإسكان فحولوا هذا الحق إلى سلعة، ومعه ارتفعت أسعار وحدات الفقراء إلى أرقام فلكية، رغم أن أغلبهم حصل على الأرض مجانًا مقابل انضمامه لمشروع بناء نصف مليون وحدة ضمن برنامج انتخابى لرئيس الحزب الوطنى عام 2005،مقابل تسهيلات حصلوا عليها في أمور أخرى معلومة وغير معلومة، فيما لم تنجز الوزارة أي مشروعات حقيقية جديدة مع الإمارات في هذا القطاع لصالح البسطاء منذ بناء مدينة الشيخ زايد، أقصد تحديدًا تجميد مشروع مدينة الشيخ خليفة الذي جرى توقيع بروتوكول خاص به عام 2008 لبناء 16 ألف شقة للشباب.
وليس لدى ميل إلى الاستهزاء والاستخفاف باتفاقيات تعاون تبرمها حكومات دول أخرى مع وزارة الدفاع والتركيز على أنها تستهدف دعم برنامج السيسي كمرشح محتمل للرئاسة،كما أننى من غير المتشائمين من سياسات الإسكان خلال المرحلة المقبلة طالما التزمت باستحقاقات المصريين عقب ثورتين،وبات تركيزها على طرح حلول لأزمات حقيقية يعيشونها بسبب خطايا حكومات متعاقبة.
خطايا هذه الحكومات ربما جعلت كثيرين يسخرون من أي "حديث" عن إنجاز علمى كاختراع جهاز لاكتشاف مرض ما والتعامل معه، دون الانتباه إلى حقيقة أن الإعلان عنه نزل بأسعار الشركات العالمية المحتكرة لأدوية علاجه إلى نحو 80 % من قيمته.
وكذا الحال بالنسبة لمشروع المليون وحدة سكنية الذي أعلن الجيش عن بنائها خلال 5 سنوات بالتعاون مع الإمارات، وهو رقم ضعيف إذا ما قورن بعدد عقود الزواج المتجاوز نصف مليون عقد سنويًا حسب تقديرات جهاز الإحصاء، إلا أن الإعلان عن المشروع أعاد سوق العقارات إلى المنافسة وجعل من أصحاب نظريات التعطيش والتسقيع أكثر خوفًا على مستقبل أرباحهم وأكثر اشتياقًا لتحريك أموالهم المجمدة في صورة خرسانات راكدة خاوية، كما خلقت لدى البنوك وشركات التمويل العقارى روحًا جديدة في التعامل مع عملائها، فأعلنت خفض قيمة الفائدة على قروضها بنسبة تصل 50 % وجعلها متناقصة، حسب البروتوكول الذي وقعه وزير الإسكان، الثلاثاء، مع رؤسائها بحضور رئيس صندوق التمويل العقارى.
كما اشتمل البروتوكول على النزول بمقدم شراء الوحدات الممولة إلى 15 % من قيمتها بدلًا من 40 % وخصم قسط لا يزيد على 25 % من دخل الفرد المشترى، بما يعادل تكاليف السكن بالإيجار أو يقل أحيانًا مع بعض أصحاب الدخول، ويسمح البروتوكول خلال مرحلته المقبلة بتمويل وحدات الإسكان المتوسط ما بين 80 و134 مترًا، بنفس الشروط، ما يجعل تلك الإجراءات جزءًا من آليات علاج أزمة كثيرين من المتعثرين في الحصول على سكن مناسب،ربما تكتمل شروط الملائمة له تباعًا بإعمار المدن الجديدة الواقعة فيها تلك الوحدات المطروحة.
أتمنى أن تستثمر البنوك الكبرى في عمليات إقراض الفئات المتوسطة والأقل حظًا بفائدة ضعيفة،لتنفيذ مشروعات تنمية حقيقية بمجالات شتى، تسمح للمواطنين بما هو أفضل من حالهم،كما أتمنى عودة الدولة كفاعل رئيسى في معادلة الاقتصاد لتحقيق التنمية والارتقاء بأوضاع المصريين وتحسين سوق المنافسة لصالحهم،لمحو ذنوب ارتكبتها حكومات شجعت سوقًا احتكارية رفعت أسعار كل شيء في هذا الوطن وأهدرت حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية.