رئيس التحرير
عصام كامل

معارك الفضائيات.. ونزاهة الانتخابات!!


مصر لن تحتمل مزيدًا من الجدل في قضايا خلافية.. لم تعد تحتمل خلافات النخبة التي يبدو أن كثيرًا من شخوصها لا يتأثرون بالظروف الاقتصادية الصعبة؛ ومن ثم لا يشعرون بمتاعب البسطاء ومعاناة السواد الأعظم الذي واجه –ولا يزال– مصيرًا صعبًا وتحديات مرة في السنوات الثلاث العجاف من عمر ثورة يناير.


الجدل هذه المرة ثار حول قانون الانتخابات الرئاسية، والمختلفون هم رجال القانون وفقهاء الدستور الذين يخوضون معارك كلامية في الفضائيات والصحف، وهو ما يزيد مساحات البلبلة، خصوصًا بين الشباب المستهدف الأول من قوى الشر التي تتربص بمصر وثورتها وتسعى بكل السبل لإبقائها في حالة متوترة لا تستطيع النهوض منها بحجج كثيرة هي حق يراد به باطل.

رئاسة الجمهورية من ناحيتها وجدت نفسها إزاء قانون يحتمل رأيين، الأول يحبذ تحصين منصب الرئاسة من الطعن، ومن ثم تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية نظرًا للظرف السياسي والاقتصادى الصعب الذي تمر به مصر وحاجتها الماسة لإنهاء ما بقى من عمر الفترة الانتقالية بأقل خسائر وبأسرع ما يمكن لتفويت الفرصة على المعوقين والمتربصين في الداخل والخارج، مستندة في ذلك إلى أن هناك نصًا انتقاليًا في الدستور يسمح بإجراء أول انتخابات رئاسية تالية باللجنة القائمة حينها وبنفس آلية عملها وهى اللجنة التي أجرت انتخابات الرئاسة السابقة التي جاءت بمرسي المعزول إلى الحكم؛ ومن ثم فإن السند الدستورى يسمح لنفس اللجنة بالعمل بنفس الآليات، ومنها بالطبع تحصين قراراتها لإنقاذ المنصب والبلاد من شبح الطعون والجرجرة في المحاكم وتأجيل أهم استحقاقات خارطة المستقبل!!

أما الرأى الآخر الذي يرى عدم تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية وفقًا لنص الدستور ذاته فله مبرراته التي تغلّب الاعتبارات الفنية على الاعتبارات السياسية وحالة الضرورة التي تقتضيها المرحلة الصعبة الراهنة التي تهدد إذا استمرت بوتيرتها البطيئة بحالة فشل ذريع للدولة.

الرئاسة، وعلى رأسها القاضى الدستورى الجليل المستشار عدلي منصور، تفهمت الرأيين، ولم تغلب أحدهما على الآخر، وألقت بالكرة في ملعب الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء، وكذلك المحكمة الدستورية العليا، وقد انتهيا –المجلس والمحكمة– إلى تغليب الرأى الأول، فماذا يضير البلاد والعباد إذا راعينا حالة الضرورة واعتباراتها دون الخوض في سجال قانونى كان سيشتعل أيضًا لو تم تغليب الرأى الآخر!!

المدهش في الأمر بل المستهجن أن يتم إقحام اسم المشير السيسي في كل سجال أو هجوم من جانب بعض المتنطعين في السياسة، ولهؤلاء نقول: أليس التحصين تنطبق آثاره على كل المرشحين، فلماذا يقال إنه جرى تفصيل القانون على مقاس مرشح دون الآخر؟ ثم أليس القضاء هو الضمانة الحقيقية لنزاهة الانتخابات؟ فلم التخوف وهناك متابعة دولية وإقليمية ومحلية للانتخابات تتولاها منظمات مجتمع مدنى حقوقية وإعلامية لمعرفة مدى الالتزام بمعايير النزاهة والشفافية واحترام إرادة الناخبين، أم أن الجدل والتشكيك أصبحا من سمات النخبة التي لا يشعر أكثرها بما نحن فيه من مخاطر.
الجريدة الرسمية