رئيس التحرير
عصام كامل

تيارالاستقلال بالنقابات.. بص العصفورة..!!


هي دعوة صريحة لاستعادة النقابات دورها في حماية حريات أعضائها كافة وصون حقوقهم في التدريب والتأهيل والعمل اللائق والأجر العادل لدى أصحاب المؤسسات والأعمال، واسترجاع موقفها "الوطنى" الحقيقى ككيانات مهنية تضم خبرات علمية في تخصصاتها لدعم المشروعات القومية والوطنية التي صدعت رءوسنا بالمؤتمرات والكتابات والاحتجاجات حول غيابها خلال العقود الماضية.


وبنفس المنطق الذي أرفض به وضع نقابات تحت الحراسة وسيطرة نظام حكم عليها، وبنفس الضمير الرافض لسلوكيات مجالس النقابات الإخوانية، أرفض أن يتسلل تيار يدعى صون "الاستقلال" المزعوم للنقابات، بينما يحمل في الخفاء مصالح تيار قومى أو يسارى وأفكارا سياسية لا علاقة لها بطبيعة المكان الذي يستهدف السيطرة عليه عبر صناديق انتخاب وجدت لغير أهدافه.

كلامى لم يحظ بقبول أصدقاء من اليسار المصرى وأحزابه والقوميين ومرتدى عباءة عبد الناصر الذين أفسدوا الحياة السياسية وأسقطوا نظرية الرئيس الراحل من حسابات قطاعات غير قليلة، وهؤلاء لا يرون مبررًا في خلط السياسة بالعمل النقابى في حين يهاجمون تيارات وجماعات تخلط نفس العمل السياسي بالدعوى والدينى، كما لا ينظرون إلى النقابات إلا كبديل عن فشل أحزابهم في الشارع السياسي وضعف قدرتها على كسب ثقة المصريين وتمثيلهم برلمانيًا بنسب جيدة.

ولأن الضحك على عقول الجمعيات العمومية "المصغرة" للمصريين داخل النقابات، أسهل من الضحك على الجمعية العمومية للشعب داخل صناديق الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحليات، مع تجنب تزويرها، فلا تعتمد في الترويج لنفسها إلا نظرية "بص العصفورة..!!"، لتقف الأصوات الغافلة في حالة عداء غير مبرر مع أصحاب العقول والكفاءات من أبناء مهنتها، ليسقطوا من حساباتها بزعم الانتصار على ممثلى نظام حكم أو إقصاء جماعة.

نظرية "بص العصفورة" سقط في فخها صحفيون فأتوا بمجلس "بسم الله ما شاء الله" على الأداء، وصار التخلص منه أصعب من إسقاط مرسي وجماعته من حكم مصر، وعاش عليها محامون لسنوات في أحضان النقيب الناصرى وقائمته قبل تفكيرهم في حشد الآلاف الآن لسحب الثقة منه، ولاقى أطباء نفس المصير فحصلوا على مجلس متخبط الأداء حسب تقديرات البعض، ونقابات أخرى في طريقها إلى الخلاص من الإخوان لنيل نفس المصير حال تزكية تيار سياسي بديل.

نظرية "بص العصفورة" أتت للأسف بمجالس نقابات لا تقرأ قوانينها ولوائحها لتدرك مبررات نشأتها ووجودها، وبالتالى تفهم دورها داخل هذه الكيانات المفترض قيامها به تجاه أعضائها دون تمييز أو إقصاء، ومن غير المتصور تزكية نقيب ناصرى هنا أو وكيل نقابة يسارى هناك أو أمين عام أو عضو مجلس ليبرالى في هذه أو تلك، لمجرد وجود اتفاق "سياسي" يمكن أن يتحول إلى أشبه بالاتفاق "الجنائى" على إفساد الدور النقابى كله، وبحث أعضاء النقابات عن كيانات بديلة تستوعبهم وتحمى حقوقهم ولا تهمل حرياتهم.

والاتفاق ربما يمتد إلى طعن الوطن بخنجر السياسة المسموم، بعد تشتيت أبناء البيت الواحد وتفريق صفوفهم ليفقد البلد وحدتهم وتفكيرهم في المصلحة العامة الأوسع والمصلحة الوطنية العليا متمثلة في "المشروع الوطنى" الذي بات على ألسنة ساسة النقابات كاللبان، يمضغونه في أحزابهم عند مهاجمة نظام، ويلقون به في أقرب سلة مهملات تحت مكاتب مقاعدهم داخل النقابات.

أتمنى الفشل لكل ممثلى التيارات السياسية في انتخابات النقابات المهنية بنفس القدر الذي أتمنى معه عودة الجمعيات العمومية إلى صوابها النقابى والمهنى، إلى دستور نقاباتها، إلى مراجعة مبررات وجودها ونشأتها، قبل أن تنخدع مجددًا بفهلوة أصحاب نظرية "بص العصفورة..!!".
الجريدة الرسمية