رئيس التحرير
عصام كامل

ياريت اللى جرى ما كان


كان المشهد محزناً، فقد تحمست القوى المعارضة للإخوان لكي تلبي دعوة المؤسسة العسكرية "لم الشمل" بحضور الرئيس والتنظيم السري للإخوان ومعهم السلفيون .

 فهذه المؤسسة نفسها قاتلت ذات القوى السياسية من أجل الإطاحة بها لصالح التنظيم السري للإخوان.
من المؤكد أن هناك ضغوطا عنيفة وقعت على المؤسسة العسكرية حتى تلغي "دعوة لم الشمل"، فهذا طبيعي ومتوقع. فالتنظيم السري لجماعة الإخوان حارب بكفاءة لكي تخرج هذه المؤسسة تماماً من المعادلة السياسية.
 ونجحت للأسف في حشد قوى المعارضة ومعها الكثير من القوى الثورية وراء شعار كاذب هو "يسقط يسقط حكم العسكر".
 وصفقت هذه القوى عندما تمت الإطاحة بالمشير طنطاوي ومعه الفريق عنان وإلغاء الإعلان الدستوري الذي كان يحد من سلطات الرئيس الإخواني.
الحقيقة أنني كنت من المتحمسين لأن تنتقل المؤسسة العسكرية من الحكم، أي أن تكون طرفاً في الصراع السياسي، إلى أن تكون حارسة للملعب الديمقراطي من تغول أي طرف سياسي مهما كان.
وهذا لا يعني أبداً الموافقة على الجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري أثناء توليه حكم البلد. فلابد من محاسبة من ارتكب أي جرائم وهي في الحقيقة كثيرة، منها مثلاً مذابح ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها ،فالفارق ضخم بين المؤسسة العسكرية وبين سين أو صاد منها.
 ولا يجب أن نحمل جرائم ارتكبها هذا أو ذاك للمؤسسة ككل. فهذا منطق القبيلة ولا أظن أنه عقيدة لهذه المؤسسة.
كما أن ما رفضه الإخوان أثناء "يسقط يسقط حكم العسكر" من وضع مميز لهذه المؤسسة عادوا ومنحوها لهم في الدستور الجديد، بل منحوا القادة المتهمين بمسئوليتهم عن قتل وإصابة متظاهرين قلادات النيل .
فماذا حدث؟ اصطفت هذه القوى المعارضة والثورية وراء التنظيم السري للإخوان لاستبعاد هذه المؤسسة من أن تكون حارساً للملعب الديمقراطي وللقيم الأساسية للدولة المصرية.
 وأصبحت هذه القوى وجهاً لوجه أمام الرئيس مرسي وتنظيمه السري ومعه حلفاؤهم ومعهم بالطبع وزارة الداخلية وباقي مؤسسات الدولة.
 وها هم الآن يفرضون ما يشاءون ،بل تجرءوا على هدم مؤسسات الدولة، وأقصد بشكل خاص القضاء.. حصار المحكمة الدستورية العليا، إقالة النائب العام، تطويع النيابة العامة وتخويف القضاة عبر التفتيش التابع لوزير العدل. أي أصبحت هذه القوى ونحن معها نواجه هذا الخصم الغاشم دون غطاء حام.
وأظن أن هذا ما أدركته هذه القوى وهذا ما جعلها تلبي دعوة المؤسسة العسكرية بلهفة البحث عن مؤسسة حامية غير منحاذة.. ولكن للأسف كان الأوان قد فات.
 وستدفع هذه القوى الثمن غالياً.. ولكن الثمن الأفدح سيدفعه المصريون. فأظن، وأتمنى أن أكون مخطئاً أننا دخلنا النفق الأسود للعنف لميليشيات الإخوان والسلفيين، مدعومين بمؤسسات دولة تهتف دائماً مات الملك عاش الملك.
الجريدة الرسمية