رئيس التحرير
عصام كامل

عصام شرف.. أول من أضاع هيبة الدولة !!


أخفقت حكومات ما بعد ثورة يناير في تنفيذ مطالب الثورة وأهدافها خصوصًا في ملف العدالة الانتقالية، والدليل ما شهدته مصر من إضرابات واحتجاجات واعتصامات عمالية لا تنقطع حتى يومنا هذا، الأمر الذي استنزف -ولا يزال- موارد الاقتصاد القومى الذي يعانى اختلالات غير مسبوقة تهدد إذا استمرت دون حلول عاجلة بالفشل والسقوط الاقتصادى..!!


وترجع إخفاقات الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير لأسباب تكاد تكون واحدة، وفى القلب منها افتقاد أغلب أعضائها الكفاءة والقدرة والدراية والخبرة، وثمة أشخاص بعينهم جرى اختيارهم بضغوط من الشارع دون أن تتوفر فيهم المقومات اللازمة لإدارة مثل هذه المواقع الخطيرة.. وكانت النتيجة أن تفاقمت الأزمات واتسعت رقعة الاحتجاجات، وارتفع سقف المطالب الفئوية وتراجع الإنتاج، وأغلق عدد كبير من المصانع بلغ على أقل تقدير 4500 مصنع في مناطق مختلفة بطول البلاد وعرضها.

ولعل أبرز النماذج التي فرضها الشارع أو ميدان الثورة لقيادة الحكومة الدكاترة عصام شرف والبرادعى والببلاوى، وبدلًا من أن يؤسس هؤلاء القيادات لمرحلة انتقالية عادلة وناجزة وجدناهم يفاقمون الأزمات بسوء التعامل معها، فعصام شرف أضاع هيبة الدولة حين أرخى الحبل للخروج على القانون بدعوى أن الشعب في حاجة لمن يحتويه أو يطبطب عليه، وبدلًا من أن يصارح المجتمع الغاضب والفئات المحتجة بحقيقة الوضع الاقتصادى المتدنى وتوقف الإنتاج وقلة الموارد، تساهل مع الاحتجاجات، بل شجعها دون أن يقصد وجعلها تتمادى في الإصرار على تعطيل الدولة بدعوى المطالبة بالحق دون الالتزام بالواجب، وأغفل تبصير الرأى العام بحقيقة الوضع، ولم يصارحه بالحقائق المؤلمة للاقتصاد والأمن وحجم الضغوط والمؤامرات التي تستهدف الدولة من الداخل والخارج، أما البرادعى فقد ترك المركب وهى تواجه الغرق في عرض البحر وقدم استقالته، بينما تأخر الببلاوى في فض بؤر الإرهاب حتى توحش وكاد يبتلع مصر، وأعطى الذريعة للخارج كى يتدخل في شئونها.

هذه نماذج لوجوه سياسية بارزة فرضها الشارع بتلقائية وعفوية خوفًا من عودة النظام القديم أو هيمنة الإخوان فهل أنقذت الثورة؟!

غياب معايير اختيار القادة في مصر لا يزال قائمًا حتى في تشكيل حكومة محلب التي شهدت ولادة متعثرة؛ وهو ما شجع بعض الفئات والكيانات على الضغط والابتزاز والتدخل السافر في أخص خصوصيات رأس السلطة التنفيذية برفض ترشيح بعض الشخصيات الذين جرى ترشيحهم لمناصب وزارية ثم سرعان ما تم التراجع عن هذا الاختيار بضغوط تلك الفئات كما حدث في حالة وزراء الثقافة والعدل والرى، وهو أمر عجيب لم نسمع به حتى في أعرق البلاد ديمقراطية وليبرالية!!

وبصرف النظر عن ملابسات الترشيح ثم التراجع فإن ما جرى كشف عن الجزء الغاطس في إدارة الدولة، وهو العشوائية وغياب المعايير وافتقاد الكوادر المؤهلة للإدارة السياسية وانعدام دور الأجهزة المعنية بصناعة تلك الكوادر، وهو ما ينبغي تغييره في الفترة المقبلة.
الجريدة الرسمية