يا عزيزي كلنا شركاء.. كلنا مسئولون
ما الذي يحدث في مصر الآن.. هذا ليس سؤالًا.. وإن بدا كذلك.. بل هو تعجبٌ واندهاشٌ.. ومحاولةٌ لقراءةِ الواقعِ المصري الآن والذي يموج بالعديد من التغيرات والمتغيرات السلبية في معظمها للأسف..
واسمحوا لي أن أردد سؤال أستاذنا المفكر المصري الكبير "جلال أمين ".. وهو سؤال تعجبي أي.. (ماذا حدث للمصريين !؟).. ماذا حدث لنا.. ما هذه السلبية واللا مبالاة التي تهيمن على تفكير وتصرفات الغالبية العظمى منا.. لماذا أصبحنا كالجزر المعزولة.. لماذا تقوقعنا داخل أنفسنا وانعزلنا عن مجتمعنا.. لماذا حبسنا أنفسنا في مشاكلنا الخاصة.. ونسينا أنها نتاج مشاكل عامة.. لماذا هذه السلبية وهذه الأنانية المفرطة التي احتلتنا.. أو استوطنتنا كالمرض العُضال.. لماذا أصبح لسان حالنا يُردد بشكل أو بآخر " أنا ومن بعدى الطوفان "..
ما الذي أوصلنا.. ووصل بنا.. ووصل بالأمور إلى هذا الحد.. هل هو القهر اليومي الذي عانى منه الإنسان المصري سواءٌ المادي أم المعنوي لسنوات.. أم المهانة والامتهان اليومي الذي يعانيه الإنسان المصري في كل شيء وفي كل مكان.. امتهان في التعليم والصحة والمواصلات.. امتهان حتى للحصول على رغيف العيش..
لا أعفى السلطة أي سلطة من التي أمسكت بزمام الأمور.. من المسئولية.. ولكنني في نفس الوقت لا أعفي أنفسنا..لا أعفى أيًا منا من المسئولية.. لقد سكتنا وتهاونا لسنوات طوال.. وضعفنا وأهملنا حقوقنا.. وأبسطها الكرامة.. هانت علينا أنفسنا.. فهُنا على السلطة..
واعتبرت هذه السلطة أو تلك أن هذا السكوت.. وهذا الصمت.. موافقة ضمنية على حقها فيما تفعل بنا.. حتى إن كانت تشك في أحقيتها.. إلاَّ أنها أمام سلبيتنا المفرطة.. لم تجد من يردعها أو يوقفها ( قالوا يا فرعون إيه فرعنك.. قال مالقيتش حد يصدني ).. لقد ازدادت السلطة جبروتًا وعنفًا واستهانة وصلت إلى حد اللا مبالاة وعدم الاهتمام بنا.. لأننا لم نعترض.. ولم نقاوم.. وكل ما كنا نقوم به مجرد أصوات هنا.. وأصوات هناك.. حركة هنا.. وحركة هناك.. ولكن دون وعى جماعي.. حتى انتفضنا.. وثرنا في 25 يناير..
كلنا كان مشغولًا بنفسه ومشاكله.. وما زلنا للأسف رغم 25 يناير.. و30 يونيو.. لقد غرق كل منا داخل نفسه.. ونسينا قول الله عز وجل.. " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".. نسينا أن اليد الواحدة لا تصفق.. وأن علينا تحمل المسئولية معًا.. لأننا كنا وما زلنا سببًا بشكل أو بآخر في تدنى الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها..
هل اكتفينا بالثورة وتفرغ كلُ منا للبحث عن حقوقه.. نعم لنا حقوق واجبة على الدولة والسلطة ولكن هل سألنا أنفسنا.. هل أدينا ما علينا قبل أن نُطالب بحقوقنا.. للأسف كما تهاونا لسنوات طوال في المطالبة بحقوقنا.. تهاونا أيضًا في أداء ما علينا نحو أنفسنا ومجتمعاتنا ووطننا.. حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.. نعيش في وطن يضيق بنا.. بل وينهش بعضنا في جسد الوطن وكأنه لا ينتمى إليه إلاّ بالاسم والإقامة فقط..
عذرًا.. إن كان في كلماتي قدرٌ من جلد الذات.. ولكن عذري أن الإيلام في بعض الأحيان ضروري للإفاقة.. والانتباه.. قد تكون الكلمات القاسية بل والمؤلمة.. أشبه بالصفعات على وجه المغشي عليه.. ليست مقصودةً لذاتها بل لأثرها.. إننا جميعًا شركاء فيما وصلنا إليه.. جميعنا يتحمل الوزر فيما آلت إليه الأمور في بلدنا.. وعلينا أن نتحمل المسئولية معًا من أجل إنقاذنا جميعًا.
وإن لم يكن من أجلنا فمن أجل أبنائنا أو حتى أحفادنا.. و"إيد لوحدها لا تصفق".. علينا أن نجد صيغة وبأى شكل لتحمل المسئولية معًا.. فكلنا في قارب واحد يشرف على الغرق.. بتهاوننا وأنانيتنا للأسف.. هل يمكن أن نتجاوز أنانيتنا.. هذا هو السؤال وهو الحل.