رئيس التحرير
عصام كامل

لعلّ الأقدام تنفع

فيتو

"وجدتها"، هذه أهم من صيحة أرخميدس، خابت كل المحاولات، فلِمَ لا نجرّب ما لا يمكن أن يخيب؟
أخفق النظام العربي، وممثلته الجامعة المفرّقة العربية من غير عروبة، في جمع العرب على كلمة سواء وحدوية.


ولم يفلح المفكرون وأهل الثقافة والرأي في إقناع أبناء الأمة بضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه التحديات، وفشل الإعلام العربي في إنارة الدروب أمام الشعوب، وتحذيرها من الوقوع في الفخ المنصوب، ونبتت في تربة الإعلام أقلام مسمومة مذمومة أنكى على العروبة من الصهاينة، ولم توفق مناهج التربية والتعليم في تنشئة أجيال تعتز بهويتها ذات تربية وطنية وقومية قويمة.

ههنا قلت: "ما لنا غير المستديرة، ما دمنا ندور في حلقة مستديرة مفرغة"، الأمل في كرة القدم، المهزلة هي أن أنظمة طبائع الاستبداد كانت تسخّرها ليل نهار لشغل الناس عن التفكير في النهضة والتنمية الشاملة، حتى صار اللاعب بألف مفكر ومثقف، ركلة واحدة تكفي لجعله عَلَماً في رأسه نار الشهرة والتألق وفخر الشعب والأمة.

أضحت الأوطان كلها مستديرة كروية، ولا يهم أن تتدحرج كرة الوطن إلى الهاوية، المهم هزّ الشباك، المهم (الهزّ والردّح) في الملاعب.

بعد إخفاق العقول والنهى في تحقيق المرام العربي، علينا استنجاد الكرويين، فهم الوحيدون القادرون على لمّ الشمل، وجمع الشتات، وإعادة عجن الفتات، وإحياء الرفات . وعلى من يستهين بالقدم أن يعيد النظر في معلوماته، فالقدم هي القلب الثاني، هي ذات الحساسية الفائقة إزاء الدغدغات، هي التي علّمتنا الإيقاع، حتى قيل إن القدم هي أوّل ما يتحرك في الجسم استجابة للإيقاع، ثم إنه لم يحدث أن أصدر كاتب كتاباً أو شاعر مجموعة، أو فاز عالم بجائزة عالمية، فخرجت الجماهير إلى الشوارع راقصة شادية هاتفة إلى الصباح.
هذا هو السحر: ركلة كرة في مرمى، وتُمسي الشعوب حنجرة واحدة.
هل ثمة شيء أروع من أن تغدو الأمة حنجرة واحدة؟
لكن الأهم الذي يجب ألا يغيب عن الأذهان العربية، هو أن ملعب كرة القدم في العالم العربي، هو الميدان الوحيد الذي يمكن أن نرى فيه هجوماً حقيقياً، ودفاعاً ملموساً . وما أحوج الأمة إلى حارس مرمى، وظهير أيمن وظهير أيسر . في الملعب حَكَم والعالم ليس فيه إلا حَكَم ظالم . في الملعب هزّة راية تعيد الحق إلى نصابه، والقضية المركزية منذ ستة عقود تنتهك حرمتها ولا تقوى على غير أن تردد مع أبي الطيب: “فيك الخصام وأنت الخصم والحكم” .

لزوم ما يلزم: أيها الكرويّون العرب اتحدوا، فلا خير إلا في أقدامكم، لقد تداعت العقول وتهاوت النهى .
نقلاً عن الخليج الأماراتية
الجريدة الرسمية