رئيس التحرير
عصام كامل

حالة تربص!


الزيارة التاريخية التي قام بها المشير عبد الفتاح السيسى لروسيا بعد قطيعة استمرت لأكثر من أربعين عاما وما ترتب عليها من نتائج إيجابية، لم تمنع المتربصين في الخارج والداخل من محاولة التشويش عليهما بمسائل تافهة يتم «النفخ» فيها وتضخيمها.

فمنذ أول لحظة في مشهد الزيارة التي غادر فيها المشير مصر وهو يرتدى ملابس مدنية، تبارت الفضائيات في استضافة ما يسمون بالخبراء ليدلون بدلوهم في التحليل والتفسير، حول حق الرجل في ارتداء ملابس مدنية على متن الطائرة التي أقلته إلى روسيا، ومدى تعارضه مع التقاليد المتبعة للمسئولين العسكريين، والتي قيل إنها تلزمهم بارتداء الذي العسكري عند زياراتهم الرسمية.

أكد عدد من الخبراء الذين استعانت بهم قنوات لا يرضيها التحرك المصرى، أن الرجل أراد أن ينبه الروس بأنه الرئيس القادم، وعليهم أن يتعاملوا معه على هذا الأساس.

تدخل سفير أسبق لمصر في روسيا للتأكيد أن ارتداء المشير للملابس المدنية ليس لها دلالات كما يزعم البعض، وأشار إلى أن ذلك طبيعى ومن قبيل «البروتوكول» المتبع في مثل هذه الزيارات.

ولكن يبدو أن توضيح الدبلوماسى المخضرم لم يحسم القضية، ليعيد النقاش إلى مساره الطبيعى بعيدا عن التفريعات التي أراد المتربصون جرنا إليها، إلا أن قناة «الجزيرة» لم تتوقف عن إعادة بث شريط «الفيديو الذي يظهر المشير وهو يتوجه إلى الطائرة مرتديا الملابس المدنية وسط تعليقات خبراء القناة من المصريين الذين قدموا أبلغ إساءة للوطن من خلال وجودهم على أرض قطر، أكدوا أن هذا المسلك خارج عن البروتوكول المتبع في مثل تلك الزيارات، وأنه يخل بالمساواة بين المرشحين للرئاسة.

لم يتوقف المتربصون عند هذه اللقطة من مشهد الزيارة، وإنما أثاروا ضجة كبرى حول عبارات المجاملة التي جاءت على لسان الرئيس الروسى، والتي فسرت على أنه تأييد له بالترشح للانتخابات الرئاسية.

أصبح السؤال، هل من حق الرئيس الروسى أن يتدخل في الشأن المصرى ويتمنى لضيفه الفوز؟ أم أنه خروج على واجبات اللياقة؟
جاء رد المتحدث الأمريكى سريعا بأن الرئيس الروسى ما كان له أن يؤيد أحد المرشحين على عكس أمريكا التي لا تتدخل في الشأن المصرى.

يبدو أن المتحدث الأمريكى لم يلحظ التناقض الواضح في تصريحاته، عندما أصر على أن بلاده لا تعتبر الإخوان جماعة إرهابية، متجاهلا الجرائم التي ترتكب كل يوم على أرض مصر من قتل وتخريب وحرق للكنائس، فإذا لم يكن هذا تدخلا في الشأن المصرى فكيف يكون التدخل؟

وكان لا بد أن يجد الموقف الأمريكى صداه لدى أعداء التحرك المصرى الساعى إلى الاستقلال الوطنى، فأشاروا إلى أن الهدف الرئيسى للزيارة حصول المشير على مباركة الروس لترشحه للرئاسة، وكأن روسيا تملك من النفوذ على المصريين وإجبارهم على اختيار أحد المرشحين، أو أن السيسى لا يحظى بدعم ملايين المصريين الذين يطالبونه بالتقدم لحمل المسئولية، وأنه لم يعلن موقفه الرسمى حتى الآن.. وقد أكد وزير الخارجية المصرى أن الزيارة لا علاقة لها بانتخابات الرئاسة.
الجريدة الرسمية