رئيس التحرير
عصام كامل

ليت وزير الداخلية يرى معاناة هؤلاء


كارثة كبرى أن تجد أفراد وأمناء الشرطة يلجأون في هذه الظروف الصعبة إلى الإضراب عن حماية المواطنين والمنشآت والممتلكات، وكارثة أكبر أن تجدهم وضباط الشرطة بلا غطاء تأمينى يضمن لذويهم بعدهم حياة كريمة، خاصة في ظل تعدد مخططات تنظيم الإخوان الإرهابى لاستهدافهم واستهداف المواطنين معهم.


المصيبة ترصدها بسهولة بعيدًا عن زحام المدن، على حدودها، حيث المنافذ الأمنية وقواتها الثابتة التي تعمل في ظروف قاسية ربما لا تمكنها من أداء عملها بشكل كافٍ لحماية المواطنين، ناهيك عن انعدام دعمها جوًا عبر شرطة طائرة تستطيع ملاحقة الخطرين أمنيًا على طرق سريعة مفتوحة، وغياب خطة واضحة لوزارة الداخلية لدعم القوات الأرضية بهذا النوع من الغطاء المتعارف عليه في بلدان تواجه جرائم متعددة الأوجه وأخطرها الإرهاب المنظم.

على طريق القاهرة- السويس عند الكيلو 26 كمثال، تظهر أمامك قوة كمين لرجال الشرطة الذين يعملون في ظروف قاسية، على تأمين مداخل مدن جديدة كبرى هي الرحاب، القاهرة الجديدة، مدينتى، الشروق، بدر، هليوبوليس الجديدة وغيرها من الأحياء القريبة لمدينة نصر، بخلاف تأمين قاطنى هذه المدن القادمين من القاهرة أو المتجهين إلى السويس.

وبعد ثورة 25 يناير أصبح دور هذه القوات صعبًا مع تزايد عمليات تهريب السلاح إلى داخل الحدود المصرية، حيث صعوبة القبول بتجاهل زيادة قوة الدوريات التي تجوب الطريق وتصل 3 سيارات شرطة ومدرعة فقط حسب ملاحظتى، مهمتها تأمين مسافة غير قليلة تصل حدود القاهرة مع السويس عند الكيلو 61، بخلاف قوة الارتكاز التي تقوم بضبطيات كبيرة لعمليات تهريب الآثار والوقود المدعم والسلع التموينية وكذا المخدرات وتضبط التشكيلات العصابية والهاربين من أحكام قضائية، والمخربين القادمين إلى العاصمة ضمن حملات الإخوان الوافدة إليها.

على هذا الطريق وتلك المسافة، لا تتعجب إن جاءك نبأ انقطاع التيار الكهربائى لأشهر غير قليلة على امتداد يصل 30 كيلو متر، فيتسبب في سرقة العشرات من السيارات، خاصة عند "ملفات" الخروج من المدن الجديدة سالفة الذكر باتجاه العاصمة، دون قدرة قوات الشرطة على المواجهة المستمرة الفعالة لتلك الجرائم، أو التحرك لدعم المواطنين ضحايا الظلام، حتى إذا ما كانت واقعة سرقة سيارة قيادة كبرى بجهة سيادية، جاء الدعم اللوجيستى لمسافات غير قليلة على الطريق وعادت أعمدة الإنارة إليه، مع تأكيدات على قواته بضرورة السعى الدؤوب للوصول إلى "المجرمين أولاد الكلب" الذين تجرأوا على ارتكاب فعلهم هذا.

حسب تقديرى لا يستطيع ضابط أو أمين أو فرد شرطة العمل بكامل تركيزه لأكثر من 8 ساعات في ظروف حرارة مرتفعة أو برد قارس، لكن متعة المخلصين في حماية الوطن والأرواح تجعلهم يتحملون سواد الظلام، وتجبرنا على أن نسأل وزير الداخلية مباشرة: هل قوة التسليح كافية بالمنافذ الأمنية، من أسلحة آلية وجرينوف وآر بى جى وملابس واقية ونظارات ليلية وسواتر وأبراج ودشم تأمين، حتى يثبت رجال شرطتنا، أصحاب التسليح الخفيف عادة، في مواجهة تنظيمات تجاوزت أعداد الأسلحة المهربة إليها منذ يناير 2011 وحتى أبريل 2012 فقط أكثر من 10 ملايين قطعة سلاح، تبدو خطورة نوعياتها فيما يُضبط مجددا خلال حملات أو ما يجرى من قنص أبنائنا الضباط والأفراد والأمناء به؟

أدرك جيدًا أن قوات تابعة للجيش ربما تدعم بمدرعاتها ودباباتها بعض الأكمنة والمنافذ الأمنية، لكن قوات الشرطة العاملة بالمنافذ الأمنية تحتاج إلى ما هو أكثر من الدعم، وهو التدريب على المواقف الأمنية المتباينة الصعبة والمواجهات غير التقليدية وتطوير قدراتها القتالية بانتظام، للحفاظ على أفرادها وضباطها من "الترهل" المحتمل إصابتهم به، جراء الروتين، أو الإحباط نتيجة شعور أغلبهم بالعمل في ظروف صعبة بعيدًا عن المكاتب والمكيفات التي يحظى بها آخرون من زملائهم، دون حافز ملائم لحجم إنجازاتهم.

أدعو الوزير اللواء محمد إبراهيم، ومن يحضر بعده، إلى مراجعة دور الوزارة تجاه قطاعات غير قليلة من رجالها، ولا أقل من القبول بوثائق تأمينية على حياة هؤلاء، وإنشاء صندوق مخاطر لرجال الشرطة يعيد لهم الأمل في الشعور "النسبى" بالأمن، الذي نفتقده وإياهم في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

أتمنى عودة رجل شرطة يستوقفنى ليقول لى "أنت في أمان معنا"، لا رجل شرطة يقول لى "حظ سيء.. إذهب وتفاوض مع من سرقك بالإكراه".
الجريدة الرسمية