رئيس التحرير
عصام كامل

آفة مصر


يا أغلى اسم في الوجود.. يا مصر..
يا اسم مخلوق للخلود.. يا مصر..
لا أعتقد أن هناك مصريا..لا يحب مصر.. ولكن للأسف أغلبية الشعب يحبها بالأغانى.. وللأسف يغنى عليها وليس لها..


سنوات.. وقرون ونحن نتباهى بماضينا وما صنعه الأجداد من مجد.. جعل اسم مصر عاليًا.. لدرجة أنهم أطلقوا عليها "أم الدنيا".. ولكن علينا أن نُصارح أنفسنا.. وأن نواجهها في مرآة الحقيقة.. ماذا صنع أغلبنا لمصر لتبقى أم الدنيا.. لتبقى بالفعل اسمًا على مُسمى.. الإجابة المنطقية..لا شىء وإلاّ ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه..

ويجب أن نكون أمناء ولا نُلقى بكل المسئولية على كاهل السلطة والحكام.. نعم كثيرون أخطأوا.. ولكننا بشكل أو بآخر مُشاركين في المسئولية.. فلو انحصر الأمر في رجال السلطة والحكم لوجدناهم مئات أو ألوف على الأكثر وهؤلاء لا يمكن أن يؤثروا في شعب بحجم شعبنا.. إنهم في النهاية نقطة في بحر الملايين..

نعم نحن مسئولون.. اكتفينا بإلقاء المسئولية على كاهل السلطة.. وبرأنا أنفسنا وكأننا ملائكة.. ونحن نُدرك أنه لا ملائكة على الأرض.. والحكومات أيضًا من جانبها ألقت بالمسئولية على كاهل الشعب.. فكلا الطرفين يتنصل من المسئولية.. بالله عليكم.. هل يؤدى كلٌ منا ما عليه تجاه مصر؟!

الموظف في أي مكان.. إذا طُلب منه العمل.. يقول الجملة الأبدية المؤسفة "على قد فلوسهم".. وهو يعلم أن "فلوسهم" هذه يدفعها له ولغيره "دافعو الضرائب".. وقس على ذلك العامل والمدرس والمهندس والطبيب وغيرهم..

والتاجر..لا يهمه ما يُقدم للناس صالحًا أم فاسدًا.. المهم تضاعف المكسب حتى ولو كان على حساب صحة الناس.. وقس على ذلك رجال الأعمال والمستثمرين وغيرهما.. وبعد ذلك نشكو ونبكى على تضاؤل نسب النمو والتنمية في بلد يملك من الثروات الطبيعية والبشرية ما لو أحسن توظيفها واستثمارها لنافس دولًا كثيرة..

ولكن آفتنٌا الكبرى في أخلاقنا.. نعم علينا أن نعترف أننا أصبنا في أخلاقنا ومنظومة القيم التي صنعت مجدنا في قديم الزمن.. 

استشرت وانتشرت الواسطة والمحسوبية والرشوة والتواكل.. وهى الآفات الحقيقية التي أصابت المجتمع المصرى.. فوصل إلى ما وصل إليه من فساد.. فكل هذه الآفات هي المقدمات الطبيعية للفساد.. أو هي العوامل التي تجعل من أي مجتمع تربة صالحة للفساد والإفساد.. وبالتالى للبلطجة والإرهاب..

لذا فالبداية الحقيقية لبناء مصر ما بعد 25 يناير أو 30 يونيو يجب أن تبدأ من هنا.. من الأخلاق ومنظومة القيم الاجتماعية..

وعندما قال السيسى.. وهو يحذر الناس المطالبين بترشحه للرئاسة (تستحملوا أصحيكم الساعة خمسة.. كل يوم الصبح.. ).. كان مُدركًا لما أصاب المجتمع المصرى من آفات أخلاقية.. وكان مُحذرًا في الوقت نفسه للناس بأن الطريق صعب وأن المسئولية مشتركة وعلينا جميعًا أن نعمل من أجل الحياة الكريمة التي نودها.. وخرجنا في 25 يناير نُطالب بها..

فهل نحن حقًا على قدر المسئولية.. أم أننا ما زلنا نعيش في وهم أن الحكومة هي (بابا.. وماما أنور وجدى ).. فمن أين تأتى أي حكومة بالموارد اللازمة إذا كنا نُلقى على كاهلها وحدها بالمسئولية.. ويغسل معظمنا يديه من أي مسئولية..

علينا أن نُدرك أن البلد لن تتقدم خطوة للأمام لو بقيت هذه الآفات في مجتمعنا.. ولن يُنقذ هذ البلد من عثراتها إلاّ اعترافنا بأخطائنا وبتصحيح هذه العيوب..

فلنطبق القانون على الجميع لنمنع الواسطة والمحسوبية.. حتى يحصل كل صاحب حق على حقه ولا يغتصبه هذا أو ذاك لأنه ابن فلان أو قريب علان.. ولنُحاسب المرتشى.. بل ولنقطع يده وبالقانون إن كان هذا هو الرادع.. ولنكافئ من يعمل بإخلاص.. ونُجازى من يُهمل.. فمن ( آمِنَ العقوبة.. أساء الأدب ).

لن ينجح السيسى وحده " فاليد الواحدة لا تُصفق " بل سينجح بنا وسيفشل أيضًا بنا.. إن وضعنا أيدينا في يديه لننتشل هذا الوطن من الهوة التي سقط فيها سينجح وسننجو معه.. وإن تخلينا عنه وتصورنا أنه يملك عصًا سحرية.. فالعواقب وخيمة.
الجريدة الرسمية