رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس لقاء شيخ الأزهر مع نجاد.. "الطيب" يُطالب نجاد بوقف نزيف الدم السورى واحترام رفض نشر التشيع.. "الوفد الشعبى الدبلوماسى" تعرض لإهانات بإيران.. ورجال الأزهر رفضوا تكرار الزيارة

زيارة الوفد الشعبي
زيارة الوفد الشعبي لإيران

بالرغم من أن زيارة الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد هى الأولى رسميًا لرئيس إيرانى لمصر، فقد قوبلت برفض بعض القوى الإسلامية، أما كواليس لقاء شيخ الأزهر مع نجاد فقد كشفتها بعض المصادر المقربة للدكتور أحمد الطيب، الذى طالبه بالعمل على وقف نزيف الدم فى سوريا، مؤكدًا رفض الأزهر المد الشيعى فى دول أهل السنة..


وقد طالب أيضًا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الرئيس الإيرانى نجاد بضرورة العمل على إعطاء أهل السنة والجماعة فى إيران، خاصة فى إقليم "الأهواز" حقوقهم الكاملة كمواطنين، كما تنص على ذلك الشريعة الإسلامية، وكل القوانين والأعراف الدولية.

وطالب الشيخ الطيب نجاد باحترام البحرين كدولة عربية شقيقة، وعدم التدخل فى شئون دول الخليج، مع وقف النزيف الدموى فى سوريا الشقيقة، والخروج بها لبر الأمان، واستصدار فتاوى من المراجع الدينية تجرم وتحرم سب السيدة عائشة، رضى الله عنها وأبى بكر وعمر وعثمان والبخارى؛ حتى يمكن لمسيرة التفاهم أن تنطلق.

الأمر بدا واضحًا على وجه الرئيس نجاد الذى حضر المؤتمر الصحفى فى ساحة مشيخة الأزهر دون أن يحضرها معه شيخ الأزهر الذى اكتفى بإنابة حسن الشافعى، كبير مستشارى شيخ الأزهر.

وذكر محمد بن صقر السلمى، الباحث السعودى المتخصص فى الشأن الإيرانى، فى مقال له بمجلة "المجلة" بعنوان "ماذا تريد إيران من مصر ما بعد الثورة؟" إن إيران تتقرب إلى مصر بشكل لافت للنظر منذ ثورة 25 يناير، وهذا التقرب يأتى من الجانب الإيرانى فقط، كما أعربت إيران عن استعدادها فى دعم الاقتصاد المصرى من خلال بيع بعض السلع بأسعار مخفضة أو تسيير أفواج من السياح الإيرانيين إلى هناك.

وبعد قطيعة دامت أكثر من 3 عقود، فقد شهد شهر يونيو من عام 2011 انطلاق هذه الوفود، حيث توجه وفد مصرى باسم وفد "الدبلوماسية الشعبية" لطهران وضم نحو 45 من الشخصيات العامة والثقافية وبعض رجال الأزهر، بينهم المستشار محمود الخضيرى، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، والدكتور جمال زهران، عضو مجلس الشعب الأسبق، والفنان عبدالعزيز مخيون، والدكتور إبراهيم الزعفرانى، أمين لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب ومؤسس حزب النهضة، وزوجته الدكتورة جيهان الحلفاوى، مرشحة جماعة الإخوان فى انتخابات مجلس الشعب 2005، والشيخ جمال قطب، وعصام سلطان، القيادى بحزب الوسط، والإعلامى وائل الإبراشى.

وقامت السلطات الإيرانية بتنظيم استقبال حاشد لهذا الوفد، فما أن هبطت الطائرة التى تقلهم فى مطار الخمينى الدولى جنوب العاصمة طهران حتى لاحظ الوفد حشودًا يقدر عددها وفقًا لتقارير إعلامية بـ 400 شخص، من بينهم مسئولون فى الحكومة الإيرانية، بالإضافة إلى العديد من القنوات التليفزيونية والصحف الإيرانية.. وخلال هذه الزيارة تم ترتيب لقاء بين أعضاء الوفد والرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد.

وقد تمنى أحمدى نجاد فى كلمته استئناف العلاقات مع القاهرة، وشدد على المكاسب التى تحققها الدولتان من التعاون المشترك بينهما، وأن ذلك يؤدى إلى بلورة قوة عظمى تُجبر أعداءها على الهروب من المنطقة- حسبما قال- مع استعداده قبول أى دعوة توجه له لزيارة مصر، وبالفعل تأتى الفرصة المنتظرة فى مؤتمر التعاون الإسلامى بالقاهرة.

هذا التلهف لزيارة مصر أثار استغراب بعض أعضاء الوفد المصرى، حيث نقل موقع "تابناك" الإيرانى عن أحد الصحفيين المصريين المشاركين فى وفد الدبلوماسية الشعبية ما قاله: "شعرت بأن أحمدى نجاد مصرى أكثر من المصريين أنفسهم" وأنه فى تقريره عن الزيارة يكتب "أحمدى نجاد: مصرى فى شوارع طهران".

لكن كواليس اللقاء لم تخل من المواقف التى دفعت الوفد وخاصة رجال الأزهر بعدم رغبتهم فى إكمال الرحلة، ففى اللقاء ذاته ألقى رئيس الإذاعة والتليفزيون عزت الله ضرغامى كلمة أثارت غضب بعض أعضاء الوفد وشعروا بنوع من الإهانة، حيث قال ضرغامى، موجهًا حديثه للوفد المصرى: "إن الغرب يريد شراء ثورتكم بـ40 مليون دولار ونحن ندفع أكثر فهل تقبلون ببيعها؟".

كما تعرض الوفد لإهانة أخرى من المسئول الإيرانى ذاته، فضرغامى بدأ يشرح الدستور الأساسى الإيرانى وكيفية تشكيل الحكومة فقاطعه أحد أعضاء الوفد المصرى قائلًا: "المصريون أول من كتب القانون، ولدينا حضارة قديمة ونعرف كيف نشكل حكومة ولسنا بحاجة إلى تعليماتكم".

وأكد أعضاء الوفد المصرى أنه نشبت بين أعضاء الوفد خلافات وقد ندم بعضهم على مرافقة هذا الوفد، فقد أعرب أحد أعضاء الوفد عن ندمه على السفر إلى إيران، ليأتى على لسان أعضاء الوفد: "اكتشفنا أن إيران تريد أن تدخل مصر فى حرب، بمنحها تأييدًا سياسيًا لحزب الله فى لبنان وتسهيل دخول عناصر مسلحة إلى سيناء لاقتحام الحدود وشن حرب تبدأ بحرب عصابات تتحول إلى حرب منظمة، بعد ضمان دخول القوات المسلحة المصرية كطرف بها فى مراحل لاحقة".

وذكر أحد أعضاء الوفد أنه كان يدعم رحلة الوفد الشعبى لإيران من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، وعندما وجد تصادمًا مع توجهات إيران بإصرارها على دعم التوسع الشيعى فى مصر، وجذب مصر لحرب غير محمودة العواقب حاليًا، رغب فى الانسحاب من الوفد، والعودة للبلاد" وفقًا لما ذكرته صحيفة "المصرى اليوم" فى تقريرها عن الرحلة.

أما بالنسبة لعلماء الأزهر فقد كان من المقرر أن يقوم وفد من الشيوخ المصريين بزيارة إيران بعد عودة الوفد الأول مباشرة، ولكن وزير الأوقاف آنذاك" محمد عبدالفضيل القوصى" أمر بإلغاء الزيارة قبل ساعات من مغادرة الوفد مطار القاهرة، حيث قام مسئول أمنى بإبلاغهم بذلك دون أن يقدم مزيدًا من التوضيحات.

من جهته أكد الباحث السعودى السلمى أن هذه الردود القوية، وربما غير المتوقعة بالنسبة للجانب الإيرانى، جعلت طهران تغير من استراتيجيتها فى التعامل مع الوفود المصرية اللاحق، فمنذ ذلك الوقت دأبت إيران على تنظيم زيارات وفود مصرية تجاوز عددها 7 وإحاطتها وما يناقش فيها بكثير من الكتمان والحذر الشديدين، وكان الغالب الاكتفاء بوصف هذه الوفود بأنها إعلامية، نسائية، دينية، فنية فقط دون أن تكون هناك تغطية إعلامية لتفاصيل تلك الزيارات أو حتى معلومات عن المشاركين فى معظمها.
الجريدة الرسمية