مصطفى محمود يكتب: الحب صفة أصيلة في الوجود
كتب الدكتور مصطفى محمود مقالا في مجلة "صباح الخير" عام 1956 عن الحب تحت عنوان "الحب صفة أصيلة في الوجود" وبمناسبة عيد الحب اليوم 14 فبراير نستعيد نشره، يقول فيه:
جلست اليوم أفكر في مشكلة بسيطة عاشت في قلب كل منا.. هي الحب.. إنها عاطفة ضرورية.. ولا أريد أن أكذب فأقول إنى أقصد حب الله، حب الأم أو حب الفن، وإنما أنا أقصد حب الرجل للمرأة..
أقصد ما هو أكثر من حب قيس، وأكثر من حب ليلى.. أقصد الحب الكامل الذي يشمل الروح والجسد معا.. ولن أجهد نفسى باحثا عن سبب الحب، فلى عقيدة خاصة أعتنقها.. أن الحب لا يحتاج إلى منطق يبرره.. فهو نفسه منطق..هو نفسه سبب الدنيا.
والحب كما يقول ديموكريتس "هو الذي جمع الذرة إلى جوار الذرة فصنع منها جزيئا، وهو الذي جمع الجزيئات فصنع منها المادة.." الحب هو جاذبية "نيوتن ".. وهو الفراغ المنحنى عند "اينشتاين"، وهو العشق عندنا نحن "البشر".
وتابع: "إنه صفة أصيلة في الوجود.. فالحب حقيقة مثل الشمس، وحب الرجل للمرأة هو أسمى أنواع هذا الحب وأكثرها واقعية.. هو الحب الذي يعيش في قلبك ويعيش في قلبى وفى قلوب البشر".
لكن هذه العاطفة الحارة ننظر إليها على أنها مسألة شخصية.. لا ينظر إليها المجتمع على أنها مسألة شخصية.. إنها تثمر أطفالا، فيجب أن تخضع للتنظيم، فيسمح بها في نطاق الأسرة فقط.. أما بين شبابيك الجيران وخلف الأبواب، وعلى الأرصفة فهو حرام وهو زنى يدخل أصحابه جهنم.
وأضاف الكاتب مصطفى محمود: "إن عملية الزواج في مجتمعنا حسبة مالية تحتاج إلى حد أدنى من الإيراد، وفى الوقت الذي يبدأ فيه البلوغ في الثالثة عشرة يتأخر التأهيل المالى ربما إلى سن الأربعين، وبين الثالثة عشرة والأربعين سبع وعشرون عاما لا يستطيع القلب فيها أن يصبر، ولا يستطيع الجسد أن يتبرد بالدش وحده.. وحتى الذين يدّعون الشرف أمثالنا ليس في إمكانهم فصل الحب عن الفلوس، فالاثنان شبكة واحدة في الواقع الذي يعيشون فيه".