"الفيل الأزرق".. عالم من الإثارة والشعوذة واقتحام "العباسية"
"الفيل الأزرق" اسم غريب لرواية لا يتوقع القارئ قبل قراءتها أن تأخذه إلى هذا العالم من السحر والخيال والشعوذة، وإقحامه في عالم المخدرات، بل إنها تأخذ القارئ في رحلة داخل مستشفى الأمراض العقلية "العباسية" ليتعرف على تفاصيل كثيرة للأمراض النفسية المختلفة، والتي يمكن ألا يكون قد سمع عنها مسبقا، ليخرج القارئ في نهاية الرواية وبعد مروره بكثير من المغامرات والإثارة، ولديه خبرة كبيرة في عالم الطب النفسى والعلاج، ورغم الصدمة التي قد تفاجئ البعض في نهاية الرواية بتحويل مسارها من العالم النفسى إلى عالم السحر والشعوذة.
والى جانب الضجة الكبيرة التي أحدثتها رواية "الفيل الأزرق" للكاتب الشاب أحمد مراد، والصادرة عن دار الشروق عام 2012، في مصر والعالم العربى، وترجمتها إلى اللغة الإيطالية، فقد تمكنت الرواية من الصعود لقائمة القصيرة ومرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2014، وكان قد تم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائى من بطولة كريم عبد العزيز، وخالد الصاوى، ونيللى كريم، وتم الانتهاء من تصويره، ومن المنتظر عرضه في السينما قريبا.
يبدأ مراد روايته مع الدكتور يحيى، الذي يعود لعمله كطبيب نفسى بمستشفى العباسية بعد انقطاعه عن العمل لعدة سنوات بعد فقد زوجته وابنته في حادث، ليجد المفاجأة في انتظاره وهو صديقه القديم متهم بقتل زوجته وطالب محاميه بعلاجه نفسيا، مدعيا أنه يعانى من مرض نفسى أدى به إلى ذلك، ومن هنا تبدأ رحلة الإثارة والتشويق والجريمة.
يبدأ "يحيى" بالبحث عن الجانى الحقيقى لإنقاذ صديقه، ويحاول التقصى عن حالة صديقه وهل هو حقا مصاب بمرض نفسى دفعه لارتكاب الجريمة، أم أنه يدعى ذلك ليهرب من المحاكمة، ويجد يحيى صعوبة في كشف الحقيقة، حيث إن صديقه طبيب نفسى هو الآخر ويدرك جيدا أعراض كل مرض ويمكنه أن يتقن تمثيل تلك الأعراض، ومن خلال تلك الأحداث يكشف لنا مراد عن الكثير من المعلومات الطبية والنفسية الخاصة بالكثير من الأمراض النفسية التي تعانى منها الحالات في المستشفى، وكان في إفادة كبيرة للقارئ، حيث قضى مراد عامين في الدراسة والتعمق في مجال الطب النفسى، ونقل تلك القراءات والمعلومات إليه من خلال أحداث الرواية.
ويتطرق مراد -أيضا- إلى عالم المخدرات، من خلال القرص المخدر الذي يتناوله يحيى والذي يأخذه إلى عالم يجمع بين الواقع والخيال والجريمة، ويطلق على هذا القرص "الفيل الأزرق" وهو الاسم الذي أطلقه على الرواية، وتأخذنا أجزاء كثيرة من الرواية إلى الحالة التي يصل إليها من يتناول هذا القرص المخدر، والهلاوس التي تنتابه وقد يرتكب جريمة أثناء ذلك ويرى الكثير من الأحداث، ولكنه استطرد كثيرا في وصف هذه الحالات والنوبات من الهلاوس مما قد يدفع بعض القراء إلى الملل.
وتنتهى الرواية لتكشف في صفحاتها الأخيرة عن حقيقة الجريمة، التي لا يتوقعها القراء، وقد تصدم البعض، حيث ينتقل بنا مراد من عالم المرض النفسى إلى عالم السحر والشعوذة، لنكتشف أنه لم يرتكب الجريمة سوى جن انتقل إلى صديقه من خلال الوشم "التاتو" الذي رسمته إحدى المشعوذات لزوجته، وأن هذا "الجن" لايزال يسكن صديقه، ويتحكم في كثير من تصرفاته.
ويبقى لـ "الفيل الأزرق" السبق في إحداث نقلة في عالم الرواية المصرية، لتكون من الخطوات الأولى للدخول إلى روايات السحر والإثارة والرعب التي تميز بها الأدب والسينما الغربية.
ويعد أحمد مراد من الروائيين الشباب الذين تمكنوا من حفر أسمائهم بين كتاب الرواية المعاصرة، وكانت أولى روايته "فيرتيجو" التي ترجمت إلى عدة لغات وتحولت إلى عمل تلفزيونى، وتبعتها رواية "تراب الماس" التي لاقت نفس النجاح، وكانت آخر أعمال "الفيل الأزرق".