باحث أمريكي: إسرائيل تحظى بالهدوء والازدهار في ظل الأزمة المصرية والحرب السورية.. أوباما يعيد رسم السياسات تجاه تل أبيب.. وزيارة كيري الهادفة للسلام تحمل تطمينات أمريكية بشأن النووي الإيراني
في ظل الجدل المثار حول زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المرتقبة لمنطقة الشرق الأوسط، لاستئناف محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل، وخوف الإسرائيليين من جهود كيري في مباحثات السلام، ووجود تعارض بين الطرفين، ألقى روبرت ساتلوف المدير التنفيذي في معهد واشنطن، الضوء على الإستراتيجية الأمريكية تجاه محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ورأى ساتلوف أن الإسرائيليين يحظون بهدوء وازدهار على الرغم من دوامة الفوضى في الشرق الأوسط، بدءا من مصر والحرب الطائفية في سوريا، نهاية بانتشار النفوذ الإيراني عبر المنطقة مما يثير مخاوف بالغة العمق.
ويتوقع ساتلوف أن يطلب الجانب الإسرائيلي، وضوحا أكثر بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل إجراء أي اتفاق حول مفاوضات السلام مع الجانب الفلسطيني، ولا يوجد أي روابط إقليمية لربط القضيتين ببعضهما ولكنه لترقب الإسرائيليين للجدول الزمني لكي يثبت لهم تسوية للقضية الإيرانية والتاكيد أن الولايات المتحدة ستبقى شريكا موثوقا به في عملية السلام لأن ذلك سيتطلب من إسرائيل، اتخاذ قرارات حاسمة بشأن القضية الفلسطينية، ويأتي هذا في ظل شكوك عميقة حول مضمون وتوجه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وأشار ساتلوف، إلى إستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي يتبعها وهي أوباما1 مقابل أوباما2، وهي اعتماد إدارته على إستراتيجية ثانية مختلفة كثيرا عن التي اتبعها عندما تولى منصبه في البيت الأبيض عام 2009.
وأوضح ساتلوف أن أوباما قبل خمس سنوات عرف السلام في الشرق الأوسط بأنه من قمة أولوياته وانخرط شخصيا في عملية السلام، وكان يري وقف بناء المستوطنات أمر حيوي لعلمية السلام وأدى هذا النهج لطريق مسدود، ولكن استراتيجيته الثانية لا تعتبر عملية السلام أولوية قصوى له ولم ينخرط مباشرة في المفاوضات ووكل وزير الخارجية جون كيري، ولم تشكل المستوطنات محورا دبلوماسيا كما كانت من قبل.
ويرى ساتلوف أن إستراتيجية كيري تعمل على احتواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومعرفة باستمرار عما يريده نتنياهو مثل الحفاظ على التواجد الإسرائيلي في وادي الأردن، واعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وسعي كيري لتلبية مطالب نتنياهو، ونتيجة لذلك من المتوقع أن تستجيب إسرائيل لوثيقة الإطار الأمريكية، وخاصة أن إطار الاتفاق سيعود على إسرائيل العديد من المزايا لموافقتها على إطار الأتفاق أكثر من رفضها، وسيتعين على نتنياهو الاختيار بين ائتلافه السياسي الداخلي والتحرك الدبلوماسي مع الفلسطينيين.
بينما الأخطاء التي وقع فيها كيري، هي أفراطه في اقناع الإسرائيليين بقضيته، والفوائد التي ستعود على إسرائيل من اتفاق السلام والتكاليف إذا فشل الأتفاق، ولكن كيري كان يرغب بإغراء الإسرائيليين لتنشيط مبادرة السلام، وسيتعين على إسرائيل التوصل إلى اتفاق سلام على الجانب الفلسطيني والسوري وحل قضية الجولان، قبل أي التزام بالاعتراف من قبل العالمين العربي والإسلامي بدولة إسرائيل كدولة قومية يهودية.
ويحتاج كيري طريقة أخرى لحديثه عن عواقب فشل محادثات السلام حتى لا يثير المخاوف الإسرائيلية، بشان العزلة والمقاطعة لإسرائيل، فهم يرونها تحذيرا لهم وليس تقييم وتحليل لنتائج الوضع، فعلي المسئوليين الأمريكيين السماح للإسرائيليين بتولي زمام الأمور لأن الإسرائيليين يدركون أنه ضغط وليس تشجيعا وخاصة أن القرارات المصيرية حول السلام يجب اتخاذها الآن أو عدم اتخاذها مطلقًا.
ويري ساتلوف أن السياسة الأمريكية حول عملية السلام تفتقر إلى أربعة بنود: الجهود الحاسمة لبناء دائرة فلسطينية تدعم اتخاذ القرارات الصعبة بشأن صنع السلام، تقدير الفرص التي تنهمر من ضعف حماس الحالي، الاستثمار رفيع المستوى في الجهود التدريجية التصاعدية من الأسفل إلى الأعلى التي تناسب النهج التدريجي التنازلي "من الأعلى إلى الأسفل" الحالي؛ والإعلان علنًا عن التكاليف التي سيدفعها الفلسطينيون حال رفض زعمائهم لاتفاق الإطار الأمريكي.
وأوضح ساتلوف أن عملية السلام تواجه مأزقا متناقضا، فالدبلوماسية الحالية أصبحت ممكنة بفضل سنوات من التعاون العملي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول المسائل الأمنية والاقتصادية. وفي الوقت ذاته، إن عدم رغبة أيًا من الجانبين بالفشل في المفاوضات على نحو يعرض تعاونهم العملي للخطر هو أحد الأشياء التي تعترض طريق تحقيق انفراجة. وعلاوة على ذلك، يعلم الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تكلفة رفضه لمقترحات كيري لن تكون قطع المعونات المالية، لأن إسرائيل ستكون أول من يطلب من واشنطن الاستمرار في ضخ الأموال للسلطة الفلسطينية.
لذلك يتعين على المسئولين الأمريكيين تحديد مجموعة بديلة من التكاليف لعباس، ومن بينهم أن تبدأ الولايات المتحدة بوجهات فاعلة دولية أخرى في مواءمة سياساتها مع تفضيلات عملية صنع السلام.