رئيس التحرير
عصام كامل

«سطوطة الفنجري» تهنئ شعب مصر وتكتب: حكاية «درب الفشارين» مع فيتو!

فيتو

مر عامان على انطلاق جريدة «فيتو» الورقية وعام واحد على انطلاق بوابتها الإلكترونية.. عامان من الجهد والابتكار والسخرية بكل أنواعها.. الضاحك منها والمبكى.. الملهم منها والمحفز.. السياسي منها والرياضى.. في هذه المساحة حققنا نجاحا لأول ملحق ساخر يستمر لمدة سنتين في مصر والوطن العربى.. وعلى الجانب الآخر انقضى عام من السخرية اللحظية داخل بوابة فيتو الإلكترونية في واقعة هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط أن يكون هناك موقع ساخر داخل بوابة إخبارية تحدينا به أنفسنا قبل أن نتحدى الآخرين.. عامان مضيا فوقفنا ننظر نحن مجموعة درب الفشارين كل منا للآخر وهو يتنفس الصعداء لعدم تصديقنا أن يستمر ملحقنا الساخر لمدة عامين ونستمر نحن فشارى مصر في تشكيل الحياة السياسية من خلاله دون أن نتعرض للاضطهاد الذي طالما تعرضنا له خلال حقب زمنية «الله لا يعيدها».

وأنفاس أخرى عميقة منا تأهبا لاستقبال عددنا رقم 101 القابع بين أيديكم حاليا أولى خطواتنا نحو العام الثالث “لفيتو” الحبيبة.

استقر درب الفشارين على أن أكتب لكم أنا هذا المقال بهذه المناسبة بعد أن رشحنى أبو طقة كبير درب الفشارين لهذه المهمة جلست لا أدرى من أين سأبدأ مقالى الاحتفالى هذا ولما تعبت تركت نفسى لقلمى يأخذنى حيث يشاء فأنا لم أكن أعلم أن الأمور ستسير بنا نحن الفشارين إلى ما آلت إليه وأن نعود إلى مصرنا الحبيبة نمارس هوايتنا المفضلة في الكتابة الساخرة التي تعتمد في المقام الأول على موهبتنا التي حبانا إياها الله دونا عن خلقه.. نعم فالفشر أيضا موهبة لا يتقنها الكثيرون.. فليس أحد يستطيع أن ينكر أنه لم يحاول الفشر خلال مراحل حياته أكثر من مرة فلم يفلح.. الطفل يفشر على أمه والشاب يفشر على خطيبته والزوج يفشر على زوجته لكن كلا حسب مستوى الإتقان الذي حباه به شيطانه.. إذا فلنعترف مبدئيا بأن الفشر موهبة وليس كأى موهبة. والفشر عندما تحترفه وتمتهنه يختلف عن فشر الهواة.. ففشر المحترفين أمثالنا قد يطيح بملوك ويخلع طواغيت ويعزل إرهابيين من فوق سدة الحكم.. وأيضا قد يزج بأصحابه في السجون والمعتقلات أو يعرضهم للاضطهاد والنفى خارج البلاد كما حدث معنا نحن مجموعة فشارى مصر في السنوات السابقة.

فلقد كان مؤسس جمعية محترفى الفشر في مصر والوطن العربى هو المرحوم “أبو لمعة” عقب ثورة 23 يوليو بعد أن كان عاملا مساعدا للضباط الأحرار في إسقاط حكم الملك لذا تركوا له الحبل على الغارب وتركوه يدخل عالم الشهرة والمجد من خلال حلقاته الشهيرة مع الخواجة «بيجو» المعروفة بـ«ساعة لقلبك» في الإذاعة ثم التليفزيون المصرى واستمر هذا حتى انتقل أبو لمعة إلى الرفيق الأعلى ثم جاء من بعده الفشار الشهير “أبو العربى” الذي ذاع صيته في بورسعيد قبل أن ينتقل إلى عالم النجومية في القاهرة انتقالا إلى الوطن العربى والشرق الأوسط حتى كسر شوكته جمال مبارك عقب حادث محاولة اغتيال مبارك الأب في بورسعيد عندما قال جمال: لن أدع “شنبا” فيكى يابورسعيد.

خلال هذه الفترة ظهر جيل جديد من الفشارين كان يعمل في صمت ويمارس هوايته بين الناس لينشر فكر الثورة على حكم العسكر وضباط ثورة 23 يوليو الذي طال أمده وتجذر في أرض مصر.

هذا الرعيل ظهر منذ أواخر السبعينيات وظل يعمل في صمت وينشر فكره بين الشباب الذي يعشق الفشر الهادف حتى إن الرئيس الأسبق محمد أنور السادات قد جاءته أنباء بتحركاتهم فأطلق عليهم بوليسه السياسي يبحث عنهم في كل مكان لكن دون جدوى فقد كانوا يجيدون التخفى بين المواطنين واستمر الحال حتى جاء مبارك الذي هادنهم في البداية وقال في أول خطاب له: لقد جئت لكل المصريين لا فرق عندى بينهم وسأعامل الجميع سواء.. كان مبارك يقصد مجموعة الفشارين ويريد تهدئتهم لعلمه بتحركاتهم وبالفعل بدأت الأمور تهدأ لمدة عشرة أعوام وكان هذا الفريق من الفشارين الجدد على اتصال بأبو العربى حتى حدثت واقعة محاولة اغتيال مبارك فاستعان بهم ضد جمال إلا أن الموت كان أسرع إليه من ثأره فأخذ هذا الفريق على عاتقه الثأر لأبو العربى وكل المصريين.
كان هذا الفريق من الفشارين الجدد يتكون من “أبوطقة وسحلول القاضى وعرفة بستلة وقاعود الجمل وأنا كنت الحتة الطرية الوحيدة بينهم”.

في هذا الوقت أنشأنا ما يعرف “بدرب الفشارين” وانضم لنا عدة فشارين من المحافظات المختلفة وبدأت حربنا ضد نظام مبارك ونجله حتى استطاع رجال أمن الدولة القبض علينا واعتقالنا دون تحديد مدة الاعتقال.

كان صيتنا في هذا الوقت قد بدأ ينتشر حول العالم فبدأت المنظمات العالمية لحقوق الإنسان تطالب بالعفو عنا وكذا ظهرت في مصر حركة ثورية تسمى حركة “كفاية”، ما اضطر مبارك أن يعلن العفو عن مجموعة الفشارين المعتقلة ليثبت مدى دعمه لحرية الرأى حيث كان ساعتها ذاهبا إلى أمريكا للمشاركة في المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان ودعم الحريات.

هذا هو ظاهر الأمر إلا أن الكواليس كانت تحمل عكس ذلك حيث هددنا “حبيب العادلى” وزير الداخلية في ذلك الوقت بأن بقاءنا في مصر واستمرارنا في استخدام الفشر لمعارضة الحكم سوف يؤدى بنا للاعتقال مرة أخرى لكن هذه المرة دون عودة للنور وبدأ يحاول بث الرعب في نفوسنا الأمر الذي رفضناه جملة وتفصيلا حتى اقترح أبو طقة علينا أن نسافر خارج مصر ونمارس نشاطنا من هناك الأمر الذي لم نتردد فيه لأننا حملنا على عاتقنا إسقاط حكم مبارك وخاصة عندما أجرى أبو طقة اتصالاته بكبار المسئولين في الدول العربية والأجنبية فجاء عرض بريطانيا العظمى أكثر إغراء لنا باعتبارها دولة الحريات فلم نتردد وانطلقنا إلى هناك هناك التقطتنا كبرى الصحف والمجلات العالمية فكان كل واحد منا يكتب في إحداها مما جعلنا أكثر انتشارا وجعلنا شوكة في حلق نظام مبارك وأمن دولته ووزير داخليته حتى انتشر النت في مصر وبدأ الشباب يعرف الفيس بوك ومن هنا بدأ الإعداد للثورة الذي اكتمل في عيد الشرطة 25 يناير 2011 وكان هذا هو الموعد المحدد لعودتنا إلى مصرنا الحبيبة لتهبط بنا الطائرة في مطار القاهرة ومنها لميدان التحرير مباشرة ولم ننتقل منه حتى أسقطنا نظام مبارك الأسطورة.

في الميدان تعارف علينا الشباب الذي كان يتوق لرؤيتنا وجها لوجه بعد أن عرفنا من خلال الفيس بوك والصحف العالمية وبدأ الصحفيون يتناوبون إلى الميدان للقائنا وجاءتنا عدة عروض للعمل في معظم صحف مصر إلا أننا كنا نرفض أي عرض من أي جريدة أبت أن تنشر مقالات الفشارين في عهد مبارك رغم العروض المادية المغرية التي جاءتنا من معظمها.

ثم جاء المجلس العسكري ليحكم مصر خلفا لمبارك لفترة انتقالية لاحظنا خلالها أن الأمور ستتدهور مرة أخرى ولابد أن يكون لنا دور لإنقاذ مصر من العودة إلى الوراء.

في هذا الوقت ظهر لنا صحفى شاب يدعى عصام كامل التقيناه على إحدى مقاهى وسط البلد فعرفنا واقترب منا ورد السلام في أدب وعرفنا بنفسه وأبدى إعجابه بنا وأكد لنا أنه كان قارئا جيدا لما كنا ننشره في الصحف العالمية وقال لنا إنه بصدد إنشاء جريدة وليدة كان قد اختار لها اسم “فيتو”.

نظر كل منا للآخر بمجرد أن نطق عصام اسم جريدته وكأن أعيننا تقول اسم على مسمى وفتى ليس عليه غبار.

جلسنا نستمع لعصام ولرؤيته الصحفية الوليدة فوجدناه صحفيا ساخرا حتى ولو لم يصرح بهذا.. وأبدى اهتمامه بالكتابة الساخرة ورؤيته أنها مستقبل الصحافة والإعلام في الفترة القادمة _وهذا ما حدث بالفعل بعد ذلك_ فوافقنا بالإجماع على التعاون مع كامل بشرط أن يرشح لنا فتى يستضيفنا في الجريدة الوليدة دون أن نتعامل مع غيره فنحن لا نحب الروتين ولا الالتزام ولا أي سلطة علينا وهذا كان شرطنا على عصام فوافق دون تردد ورشح لنا فتا أسمر يدعى حسن شاهين وصفه لنا بأنه هو الوحيد الذي سيتعامل معكم بطريقتكم هذه ووصفه لنا فوافقنا عليه ومن يومها أصبح مسئولا عن قسم الساخرون وفشاريه.. اندمجنا مع شاهين واندمج معنا وكذا عصام كامل وكل أعضاء مجلس تحرير الجريدة بداية من مدير تحريرها زكريا خضر وصولا إلى عمال البوفيه طارق ومحمد وغريب وعلى رأس كل هؤلاء شاب جميل يدعى حسام صبرى هو رئيس مجلس إدارة مؤسسة “فيتو”.

خضنا بفيتو معارك سياسية عدة.. أطحنا بالمجلس العسكري بعد أن داهن الإخوان وأوصلهم للحكم.. ثم اطحنا بالإخوان بعد أن رأينا فيهم مجموعة من الإرهابيين أرادوا نهب مقومات البلد.. ترقبناهم وفضحنا تحركاتهم واحدا تلو الآخر.. وما كان ملفتا للنظر أننا فضحناهم من خلال حواراتنا السرية معهم والتي كنا نعدهم من خلالها أنها لن تنشر فننشرها دون لوم علينا.. فنحن فشارون أعطينا وعدا لمغفلين صدقونا فلا ملام.

وحوارات أجريناها مع رؤساء العالم أيضا فضحنا بها علاقاتهم بقيادات الإخوان وعريناهم أمام الشعب الذي خرج منتفضا في ثورة مليونية أخرى شهدها العالم أجمع في 30 يونيو بعدها اضطررت أن أنشر قصة غرامى مع أوباما لفضحه عندما داهن الإخوان ووصف ثورتنا بالانقلاب فعاد بسرعة مغيرا رأيه معترفا بالثورة خوفا من فضحه أكثر من ذلك.. وكذا أبوطقة نشر علاقته السرية بأشتون عندما وجدها تلتقى مرسي داخل السجن وتدور بينهم حوارات غير معلنة.

تدخلنا في الدستور وحاورنا عمر موسى.. وأجريت أنا _سطوطة الفنجرى_ حوارات مع مسئولين يصعب على أي صحفى الوصول لهم مثل الببلاوى والسيسى وعدلى منصور مع حفظ الألقاب فجميعهم أصدقائى. عامان مضيا علينا أسعدناكم وسعدنا بكم وساهمنا في إعادة مصر لأبنائها الطبيعيين وها نحن معكم نتأهب للاستفتاء على الدستور ومن بعده الانتخابات البرلمانية والرئاسية آملين أن تمر مصر من كبوتها وتعبر إلى طريق الأمن والأمان وكل عام وأنتم بخير قراؤنا الأعزاء..
الجريدة الرسمية