رئيس التحرير
عصام كامل

شرشحة إعلامية


ما هذا المستوى الذى وصل إليه الإعلام المصرى؟.. ولماذا وصل إلى هذا المستوى المتدنى من الأداء الإعلامى؟..

عندما نتحدث عن التدنى الإعلامى لن أتحدث عن إعلام الجزيرة الذى يلوى عنق الحقيقة ويعمد إلى تشويه وقلب الحقائق فى محاولة مُغرضة لإظهار مصر فى صورة الدولة المنهارة تحقيقاً لأغراض إخوانية ومتأخونة.. فإعلام الجزيرة إعلام مأجور ويؤدى دوراً مرسوماً له فى إطار المؤامرة على مصر..


ولكنى سأتحدث – وبأسى شديد – عن الإعلام المصرى بشقيه الحكومى والخاص..
هناك حالة من الانفلات الإعلامى غير المسبوقة فى تاريخ الإعلام المصرى الذى كان فى يوم من الأيام رائداً.. انفلات يصل إلى حد الفوضى الإعلامية بكل ما فى الكلمة من معنى مؤسف..

باسم حرية الإعلام.. والإعلام الجديد.. فُتحت الأبواب لكل "من هب ودب" ليظهر علينا من خلال الشاشات دون أى معايير إعلامية.. المهم أن "يُبغبغ" و"يُبعبع" و"يُبرطم" بأى كلام فى محاولة لجذب المشاهدين بأى وسيلة مباحة أو غير مباحة.. المُهم السميعة.. نعم السميعة فلقد تحولت البرامج إلى مصاطب للكلام.. أى كلام..

أى مُدعى من هؤلاء أو من هذه الحالات المرضية وليست الإعلامية.. يقول أى شىء ويفعل أى شىء على الهواء دون ضابط أو رابط أو وزاع من ضمير.. أى شىء مباح ومتاح وكل ذلك باسم حرية الإعلام التى تُنتهك فى كل لحظة على أيديهم وعلى مرأى ومسمع من الناس..

أى حرية إعلام فى أن تحمل مذيعة "كفنها" على الشاشة.. مهما وصلت درجة الخلاف مع أى سلطة.. هذا ليس عملاً إعلامياً بأى معيار من المعايير.. وليس عملاً لائقاً بأى شكل من الأشكال.. بل هو عمل "تهييجى" أو "تهريجى"..

أى حرية إعلامية فى أن يظهر مذيع أو من يدعى أنه إعلامى.. متدثراً ببطانية على الهواء..
أى حرية إعلامية فى أن يظهر إعلامى على الشاشة ممسكا "بدريكسيون" أو "إطار" سيارة.. أو خيارة أو كوسة مثلاً .. هذا ليس إعلاماً بل تهريجاً محضاً.. فمهما وصلت درجة الاختلاف بل والخلاف لا يصح ولا يليق إعلامياً أن يكون هذا هو أسلوب الاعتراض أو الاحتجاج أو الانتقاد أو حتى التهكم.. هناك أصول إعلامية تم تجاوزها بل تجاهلها وعن عمد بحجة "حرية الإعلام"..

أى حرية إعلام هذه فى أن ننتقد المخالفين لنا فى الرأى بالسباب والتشهير.. هذه ليست من الأخلاقيات أو الآداب الإعلامية أو حتى غير الإعلامية..

ولا يقتصر هذا التهريج الإعلامى على مثل هذه السلوكيات أو التصرفات المستهجنة والمرفوضة إعلامياً واجتماعياً .. بل عليكم أن تستمعوا وتنصتوا لنوعية ولطريقة نطق الكلام على ألسنة ومن أفواه من يسمونهم كذباً وتدليساً" إعلاميين".. الكلام يقترب من لغة السوقة والعامة وهو مرفوض إعلامياً لأن الإعلام رُقى لا انحطاط .. ناهيكم عن نطق الكلام نفسه الذى يقترب من "التطجين" تصل إلى حدود "الشرشحة" خاصة على ألسنة بعض من يسمونهم إعلاميات أو مذيعات..

ولا تقف الشرشحة عند حدود نطق الكلام.. بل تتعداها لتصل إلى أسلوب وطريقة الكلام التى تقترب من "خناقات الحوارى".. انفلات لفظى يُعاقب عليه القانون.. ولكنهن ولكنهم يدعون أنه انفعال بالمواقف.. رغم أنه افتعال مواقف وبطولات وهمية..

الإعلام يا سادة مسئولية.. والإعلامى أياً كان وأياً كانت ثقافته يُطل على الناس ليرتقى بهم لا لينزل إلى مستواهم.. نعم ينزل إليهم يكون بينهم ووسطهم.. ولكن ليرتقى بهم وبسلوكياتهم.. لا ليُرسخ للكلام أو السلوكيات أو الأخلاقيات السوقية المستهجنة..

أيتها الحرية الإعلامية كم من الجرائم تُرتكب باسمك فى حق الإعلام والناس.. لقد وصلنا باسم حرية الإعلام – زوراً وبُهتاناً - إلى هذا المستوى المتدنى من الأداء الإعلامى.. هذا المستوى الذى لا يُرضى الإعلاميين أو الجمهور على حدٍ سواء.. بل لا يُرضى العدو قبل الحبيب..
الجريدة الرسمية