رئيس التحرير
عصام كامل

الفلسفة كسلاح دمار شامل

فيتو

لم يجد مدعي الفلسفة برنار هنري ليفي لتفلسفه متنفساً، غير التحريض على التدخل العسكري الأطلسي في الدول العربية، والغاية إنسانية (انس النيّة) طبعاً. فالأبعاد الفلسفية لصهيونيته هي ابنة لتلك المقولة: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وهو يريد تعميمها على العالم العربي. أمس العراق وليبيا، واليوم سوريا، والبقية في بطن المتفلسف.


هو يرى أن سوريا تهشمت، باتت حطاماً، ويسأل هولاند وكاميرون وأوباما: لمَ لا نمحوها من الخارطة ونستريح؟ على طريقة أفعال الأمر التي يطلقها الجبابرة قائلين للجلاد: ارحه، خلّصه . يعني: اقضِ عليه. ألسنا أمام حركات من هذا القبيل: التحرير، الديمقراطية، دعم الشعوب في وجه الاستبداد؟ مع وعود سخيّة بإعادة الإعمار وتحقيق الرخاء والرفاه والازدهار، مثلما حدث ويحدث في العراق وليبيا، والفراديس الاصطناعية على أبواب دمشق، والعاقبة للاحقين.

قيل: "إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً". فحين انهارت ليبيا، وأودى الهجوم الأطلسي بحياة أكثر من ستين ألف ليبي، قال المتفلسف: لقد فعلت ذلك من أجل صهيونيتي ويهوديتي ولكوني "إسرائيلياً". أما في الحالة السورية فإن مطالبته بالتدخل تأتي من منطلق إنساني صرف. صدّق أو لا تصدّق.

خرج الشأن العربي من أيدي العرب. كنا طوال عقود ننكر على الجامعة العربية اتفاق أعضائها على ألا يتفقوا. اليوم صارت تلك العقود في عيوننا عصراً ذهبياً ذا آفاق وردية. الآن لا شيء غير الشظايا، الكل يلوم الكل، والكل يجلد الذات، لا أحد يملك المفتاح السحري، على غرار الخنساء: "ولولا كثرة الباكين حولي.. على أوطانهم لقتلت نفسي".

كيف بلغ الأمر بالأمة حدّ أن يلعب مدعي فلسفة صهيوني أدواراً بارزة في مصائر شعوب عربية؟ حتى في الهمّ ثمة ما تختار، كما يقول المثل. تمنينا أن لو كان المتدخل في الشأن العربي عربياً، ولو على باطل. عندئذٍ يسهل القول: إنه ابن عاق. ففي مقال ليفي هذا الأسبوع في مجلة "لوبوان" الفرنسية، بكاء وعويل ونواح ونداب ولطم، وتوسّل إلى الكبار في سبيل إنقاذ الشعب السوري بوساطة الساحقات الماحقات الأطلسية.

نقلاً عن الخليخ الإماراتية
الجريدة الرسمية