ارفعوا أيديكم عن السيسى
الفرعون لا يُخطئ لأنه يتكلم باسم الإله.. ولكن الإنسان يصيب ويُخطئ.. ويمكن مراجعته ومحاسبته..
لذا نريد رئيساً إنساناً لنستطيع أن نحاوره ونناقشة بل ونجادله ونعاتبه ونراجعه.. ونسأله ونحاسبه.
لقد صنع الشعب المصرى على مدار تاريخه الكثير من الفراعنة.. ولم يجرؤ على محاسبة أحدهم.. ألههم وسبح بحمدهم.. وصنع من نجاحاتهم بل وأخطائهم.. أوامر إلهية لا تُناقش ولا تُرد.. والغريب أنهم عندما سقطوا لعنهم.. نفس من حملوهم فوق الأعناق.. وحلقوا بهم فى السماء.. وحملوهم أخطاء الدنيا والآخرة.. وحملَّوهم كل المسئولية.. ونسوا أو تناسوا أننا كشعب نشاركهم مسئولية "الفَرْعَنَة ".. وأننا من صنعنا فرعونيتهم بتأليهنا لهم وهم فى البداية والنهاية بشر..
لقد عانينا ولسنوات من تأليه الحاكم.. صنعنا الفرعون ثم أكلناه حياً أو ميتاً.. رفعنا حكامنا إلى أعلى الأعالى.. ثم خسفنا بهم الأرض بعد رحيلهم.. وكما دبجنا فيهم قصائد الشعر والمُعلقات.. قلنا فيهم ما قال مالك فى الخمر..
لذلك أقول لكل المنافقين ولكل حسنى النية– إن كان فيهم من هو حسن النية - "ارفعوا أيديكم عن السيسى".. رجاءً لا تصنعوا منه فرعوناً.. نريده إنساناً مثلنا يُخطئ ويُصيب.. نُريده إنساناً نستطيع حسابه وعتابه.
أعرف أن الأغلبية فى حاجة إلى "مُنقذ".. فى حاجة إلى "رمز وأمل".. ولكن المبالغة مُضرة .. سواء المبالغة فى الأحلام أو الآمال.. أو حتى المبالغة فى حب السيسى .. "مُضرة" له قبل غيره.. إنكم تحملونه فوق ما يحتمل كبشر.. السيسى لا يملك عصاً سحرية ليصنع المستحيل..
السيسى فى حاجة إلى أيدينا معه.. قبل أن يكون فى حاجة إلى مديحنا وإطرائنا.. فى حاجة إلى تأييده بالعمل لا بالكلام المعسول أو النفاق.. إن قمة المبالغة ولا أريد أن أقول النفاق والمداهنة.. هذا المؤتمر الذى عُقد فى قاعة المؤتمرات لتدشين حملة "بأمر الشعب" لترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسى لانتخابات رئاسة الجمهورية..
هل السيسى فى حاجة إلى هذا النفاق الفج.. إن مثل هذه المؤتمرات والمبايعات تُذكرنا بالأمس القريب.. وفى نفس القاعة.. هذه المؤتمرات التى أقامتها وجوه كتلك الوجوه لتأييد ومبايعة مبارك.. ثم هاهم الآن يحملونه مسئولية أخطائهم قبل أخطائه..
إن هؤلاء المؤتمرين.. يُعيدون زمن الحزب الوطنى.. فى ثوب جديد.. وباسم الثورة .. والوطنية.. ومصلحة وحب الوطن.. ربما كانت النوايا طيبة.. ولكن علينا أن نُدرك أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة..
لا أطعن ولا يحق لى الطعن فى وطنية أحد أو حسن نيته.. ولكن من حقى أنا أقول: إن مثل هذه التصرفات – التى تُرتكب باسم حب مصر – تُسىء وتضر أكثر مما تُفيد..لأنها نفس التصرفات التى أنكرناها زمناً طويلاً على مبارك وزبانيته.. إنها حملة تُسىء للسيسى أكثر مما تُفيده لأنها تُعيد تذكيرنا بأفعال وتصرفات كرهناها كرهاً شديداً.. إنها بهذه المبايعة الحمقاء تبدو حملة ضد السيسى أكثر منها حملة مع السيسى..
نعم هناك ملايين تحب السيسى وترى فيه المنقذ والأمل.. ولكن علينا أن نُدرك أن هناك ولو القليل ممن يرفضون أن يأتى السيسى للحكم بنفس الطريقة التى أنكرناها على مبارك لأنها طريقة غير ديمقراطية..
أيها المنافقون ابعدوا بنفاقكم الفج عن السيسى.. نريده رئيساً لمصر.. ولا نريده فرعوناً.. انتهى زمن الفراعنة.. نحن فى حاجة إلى السيسى كما هو رجل مُحب لوطنه وشعبه.. نريدهُ كما هو من الشعب.. وليس السيسى الذى تُريدون صنعه.. ارفعوا أيديكم عن السيسى - أيها المنافقون - من أجل مصر..