رئيس التحرير
عصام كامل

أحلام بكار.. الحلقة رقم (6).. فى زمن ابن رشد!!

فيتو

على نفس المقهى المعتاد التقى بكار وحمزاوى هذا اللقاء الأسبوعى الذى اعتادا ‏هما الاثنان الحرص عليه مهما كانت لديهما من مشاغل وأمور حياتية، فهما ‏يحرصان كل الحرص أن لا تأخذهما الحياة بمشاكلها ومتاعبها ومشاغلها عن رزؤية بعضهما؛ فإن صداقتهما متينة قوية رغم ما يشوبها من اختلاف أفكار ‏ورؤى كليهما.. ولكنهما مقتنعان أن اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية؛ حمزاوى ‏ليبرالى محلل سياسى عقلانى، يؤمن بأن الحياد فى الأمور السياسية ترف، ‏لا يداهن ولا يُخْفِ رأيه من أجل مصلحة أو منفعة، وبكار لا يقتنع إلا بحكم الإخوان ‏والسلفيين، ويرى أنهما أفضل من غيرهما لإصلاح حال البلاد‎.‎

يلتزم حمزاوى الصمت دومًا فى جلساته مع بكار، ويدعه يتحدث كما يريد، وبكار ‏يطلق للسانه العنان، ولأحلامه أيضا يسمعها منه حمزاوى، ويحلل ما فى دواخله ‏من شكل أحلامه، لا يصدر منه غير بعض التعقيبات الساخرة التى يفهمها دومًا ‏بكار وأحيانا يبتسم لها.
اليوم بكار يحكى عن حلم جديد، فلنسمع حلمه.
بكار: أنا حلمت النهارده.. قصدى إمبارح يا حمزاوى حلم جميل ارتاحت له نفسى.
حمزاوى: خير يا بكار.. اطربنى.. اشجينى.. الميكرفون معاك لع لع يا بكار.
بكار: شكلك فايق النهارده ومبسوط.. إيه الحكاية؟
حمزاوى: ومافوقش وانبسط ليه؟ انت مش شايف الخير اللى مصر فيه؟ مخزون ‏القمح ياودب يقضينا ٦ شهور، الثوار فى كل الميادين، البورصة بتخسر، الحكومة ‏بتقرر رفع المعاشات ٢٠٪ علشان تمتص غضب فئة من الشعب فى ظل ‏التدهور الاقتصادى، الريس بيفرض حظر تجول على ناس مخنوقة بتعبر عن ‏مشاعر غضبها، ويثيرهم أكثر، أكنه مش مننا ولا عايش فى البلد دى، ولم ينتبه ‏لخطئه، يرمى خطؤه على المحافظين ويترك لهم همه تحديد ساعات الحظر ويسافر أالمانيا يشحت علينا، والبلد بتغلى وتئن، كل ده ومش عايزنى أفوق وأكون مبسوط؟!
بكار: بالراحة وهوّن على نفسك، كل ده حيتحل بإذن الله، دى زوبعة فى فنجان.
حمزاوى: زوبعة فى فنجان؟ عشرات الشهداء وفوضى عارمة وتقول لى: زوبعة ‏فى فنجان؟ قول: زوبعة فى طشت فى أزان!!
بكار: كل شىء وله حل، بس انت اهدأ شوية، وكله محسوب ويُدرس الآن على ‏مائدة حوار الجماعة.
حمزاوى: مائدة حوار الجماعة.. طب أقول إيه؟ ومن إمته حوار الحمار كان مثير ‏لغير الجماعة إمته الجماعة فكّرت فى البلد‎.‎
بكار: بلاش تَجَنِّى ويا ريت نقفل على الموضوع ده، وسبنى أحكيلك حلمى ‏يا حمزاوى.. أرجوك.
حمزاوى: ماشى يا بكار، ما هو أحلى حاجة إنك تسد ودانك لما الكلام يكون مش ‏على هواك.. احكى يا صاحبى احكى.
بكار: أنا حلمت امبارح خير اللهم اجعله هير إنى فى زمن ابن رشد.
حمزاوى: ابن رشد حتة واحدة؟!
بكار: أيوه ابن رشد.. فيها حاجة دى؟
حمزاوى: لأ مفيهاش.. قول قول هو الكلام عليه جمرك؟
بكار: حلمت يا صاحبى إن بعد حرق كتب ابن رشد فوّضنى إنى أباشر شئون ‏الثقافة والأدب، يعنى عيّنونى شبه وزير ثقافة.
حمزاوى: وعملت إيه يا وزير الثقافة فى حلمك؟!
بكار: عملت حاجات كتير، أمرت بحرق كل الروايات التى أتت بها تعبيرات ‏وألفاظ وجمل وصور بلاغية تحض على الرذيلة وتثير الغرائز.
طبعا كان فيها روايات إحسان عبد القدوس، وربع روايات نجيب محفوظ، وعلى ‏راسها "ولاد حارتنا"، وبعض مجموعات يوسف إدريس القصصية، وخاصة "أرخص ‏ليال"، و"بيت من لحم"، وغيرها وغيرها، وكمان كتب علاء الأسوانى ومحمد ‏الفخرانى ومحمد صلاح العزب وحمدى الجزار، وأمرت بتشكيل لجنة مراقبة على الكتب، وخاصة الروايات والمجموعات ‏القصصية من كبار الفقهاء وعلماء الدين الأفاضل، همه اللى بإيدهم يقروا الكتاب ‏ده يطبع أم لا بعد قراءته‎.‎
وأمرت إنه لازم الرواية أو المجموعة القصصية يكون بها عبرة.. موعظة حسنة، ‏وتدعو إلى المعروف وفعل الخير.
حمزاوى: هو ده الأدب فعلا، وهى دى الثقافة وحرية التعبير، الله عليك يا بكار ‏يا مؤمن، يا عاقل، يا رزين، عملت إيه كمان؟!!‎
بكار: ضفت الكتاب وأخرجت منهم الزنادقة وأوحيت عليهم التوبة وتصحيح ‏مسار الكتابة أو الامتناع عنها نهائيًّا، وامتهان مهن أخرى غيرها، ومنعت رسم ‏الصور العارية والأشخاص علشان دى مصدة وفتنة فى الأرض.
وأمرت بتغيير أسماء المكتبات إلى سنابل الخير وآفاق إسلامية ومكتبة الحاج ‏مدبولى ومكتبة رؤية دينية ومكتبة فجر الإسلام والوعد الحق وهدى النبوة وجنة ‏الفكر والمنهل القويم والصراط المستقيم والكوثر‎.‎
حمزاوى: رائع يا بكار رائع.. أفكار ناضجة وسابقة عصرها وأوانها!!
بكار: وأمرت بملء المكتبات بكتب السلف الصالح وسير الأولين وحياة الصحابة ‏والإسلام، حتى تبارى الناشرون فى نشر كتب الدعاة وفقهاء العصر وشيوخه.
حمزاوى: عملت إيه تانى فى حلمك يا صاحبي؟
بكار: أمرت بتغيير اسم حفلات التوقيع إلى بركات التوقيع، حيث سيقال: تقام اليوم ‏بمكتبة جنة الفكر بركة توقيع الداعية فلان الفلانى على كتابه الجديد، والحضور ‏بالزى الشرعى بعد صلاة العشاء‎.‎
وأمرت بتغيير جملة "سعر الكتاب كذا" إلى: "وهبة الكتاب كذا".
حمزاوى: وبعد كده عملت إيه يا بكار؟!!
بكار: للأسف صحيت من النوم قبل ما اكمل.
حمزاوى: طيب نحمد ربنا إنك صحيت من النوم قبل ما تكمل.. ما حدش عارف ‏لو نمت شويه كمان كنت عملت إيه فى حلمك!!!!
بكار: إيه رأيك فى حلمى ده يا حمزاوى؟
حمزاوى: رائع.. رائع يا بكار، ربنا يقدرك على أحلامك، احلم يا بكار، احلم على قد ‏ما تقدر، والحمد لله إنها أحلام!!
بكار: يعنى إيه يا حمزاوى.. مش ممكن فى يوم الأحلام دى تتحقق؟!
حمزاوى: فى المشمش يا بكار.. فى المشمش!!
سلام يا صاحبى.
بكار: استنى يا صاحبى.. ده احنا ما لحقناش نشرب حاجة.
حمزاوى: اشرب انت.. أنا شربت كتير.
سلام يا صاحبي
بكار: كده!! طيب بشوفك حستناك الأسبوع الجاى.
سلام يا حمزاوى.

الجريدة الرسمية