رئيس التحرير
عصام كامل

حلال على العملاء حرام على الشرفاء!


قامت الدنيا عقب التسجيلات التي كشفها ومازال الإعلامي الوطني د.عبدالرحيم علي، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومهلل من جهة، ورافض ومرتعد من جهة ثانية، وإزاء الهزة التي أحدثتها تسجيلات "الصندوق الأسود" نتذكر قول الله سبحانه وتعالى: ‏{‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏ ‏(سورة الأنفال‏:‏ آية 30‏)، فمكر البشر قرينة الخداع والتضليل وهدفه الأذى، أما مكر الله عز وجل، فهو محمود يحقق العدل والرحمة وينزل العقاب بمن يستحقه‏.‏


لقد شاءت إرادة الله أن ينكشف مستور "شلة" عملاء، تداعوا من كل حدب وصوب واجتمعوا معا على الخيانة، البعض تآمر وباع مصر من أجل حفنة دولارات، وبعد أن كانوا من "لابسي الشباشب" وراكبي المواصلات العامة أصبحوا من أصحاب أفخر السيارات ولا يرتدون إلا الماركات، والبعض الثاني كان همه الانتقام من الدولة وحرق مقرات الأمن لإخفاء ملفات جرائمه وفضائحه ولا مانع من سرقة ما خف وزنه وارتفع ثمنه، والثالث هدفه النفوذ والسلطة واتخذ من الدين مطية لاعتلاء الحكم، أما البعض الرابع العامل في الإعلام فقد أسهم في الترويج للمؤامرة وتعمد تضليل الرأي العام باستضافة وتلميع الخونة وشركاء المؤامرة، التقى الجميع فيما يشبه "المافيا" على ذبح مصر، أطلقوا على أنفسهم نشطاء وهم عملاء، تقاضوا الملايين وحققوا الشهرة وكادوا يصلون إلى مرادهم لولا أن مشيئة الله كانت لهم بالمرصاد.

يرى أصحاب الجانب المعارض أن عرض تسجيل اتصالات هاتفية لا يجوز ويتنافى مع أبسط مبادئ الديمقراطية.. وهؤلاء في حقيقة الأمر يحاولون إيقاف فضح المزيد عن تفاصيل التآمر والفساد والعمالة للخارج، خوفا من أن يأتي عليهم الدور قريبا، فكل منهم "على رأسه بطحة" ومتورط بصورة أو بأخرى.

الغريب أن النشطاء وأهل الإعلام المعترضين على فتح ملفات عملاء اجتمعوا على تدمير مصر، لم نسمع أصواتهم عندما حرق الخونة مقرات أمن الدولة، ولم يستنكروا فضح رموز النظام الأسبق ونشر محاضر اجتماعات وملفات أمنية خطيرة وتفاصيل حسابات وأسرار شخصية، بل اعتبروا حينها أن ما يحدث عمل وطني لكشف حقيقة فساد النظام!!

كما لم نسمع أصواتهم النكراء حين تولت جماعة الإخوان الإرهابية الحكم، واكتشف الشعب أن النظام العميل، يسجل ويتنصت على جميع الاتصالات، حتى إن أحد قادة الإرهابية قال من لديه ما يخشى منه لا يتحدث بالهاتف.. وهؤلاء أنفسهم هللوا ورحبوا بتسريبات مسجلة للفريق أول عبدالفتاح السيسي عن طريق قناة التآمر "الحقيرة"، رغم أن ما تضمنته التسجيلات لا تدينه.

في كل ما سلف كان النشطاء والإعلاميون من المؤيدين، واعتبروا ما حدث "حلال" وحقا مشروعا يكفله مناخ الحرية والديمقراطية.. لكن عندما دارت الأيام وشاء الرحمن أن يكشف خيانة عملاء هلكوا البلد بصفتهم نشطاء. أصبحت التسجيلات عودة للدولة الأمنية البوليسية وتدخل سافر في الحريات الشخصية وغيرها من شعارات فقدت معناها وكفر بها الناس.

الحقيقة أن الشعب تلقف تسجيلات "الصندوق الأسود" بترحيب وينتظر المزيد، حتى يعرف أبعاد المؤامرة التي خططت لها أمريكا مع إسرائيل وتعاون على تمويلها وتنفيذها تركيا وقطر وإيران وحماس، حيث وجدوا في النشطاء نماذج خائنة مؤهلة لتدمير بلدها مقابل المال.

اعتقد الخونة، ومن يدافع عنهم خشية أن تحرقه نار الحقيقة، أن الدولة انهارت بعد سرقة الملفات وحرق مقرات الأمن، لكن شرفاء أجهزة الجيش والمخابرات والشرطة أثبتوا غير ذلك، وأنهم إن استكانوا بعض الوقت نتيجة صدمة الخيانة وعظم حجم المؤامرة، إلا أن بحوزتهم الكثير وقادرين على فضح كل من تآمر بالصوت والصورة. ومن يعتقد أن ما يحدث "حرام" وتجاوز على الحريات، فالرد الوحيد أن كل الشعارات تسقط أمام الأمن القومي ومصلحة البلد، وما على المتضرر إلا اللجوء إلى القضاء الشامخ. أما قادة الدولة فعليهم ملاحقة الخونة والعملاء ومن خلفهم، ونحن بانتظار المزيد من تسجيلات "الصندوق الأسود" لكشف بقية أعضاء مافيا التآمر على مصر وشعبها.
الجريدة الرسمية