تكليف لا تشريف
لماذا تتمسك وتُصر الأغلبية
على ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسى لرئاسة الجمهورية وقيادة البلاد فى هذه
الفترة الحرجة من عمرها؟! سؤال ربما راود الكثير من الأذهان.. وربما وجد البعض له إجابة..
وحار البعض فى إيجاد الإجابة.. ولكنهم جميعاً أجمعوا أنه رجل المرحلة والقادر على
السير بالبلاد إلى طريق النجاة.
المدقق
والمتابع لموقف الفريق أول عبد الفتاح السيسى يستدعي على الفور جمال عبد الناصر
وانحيازه للشعب.. ومصالح الشعب.. وأفعاله ومواقفه خير دليل بدءاً بالانحياز لمطالب
الشعب فى 30 يونيو.. ومروراً بوقوفه مع الغارمين.. ويتذكر المشير عبد الحليم أبوغزالة
الذى كان بإمكانه أن يستولى على السلطة خلال أحداث الأمن المركزى فى فبراير 1986..
ولكنه فضل مصلحة الشعب وإنقاذ البلاد.. ومصلحة البلاد ليست فى الانقلاب ولكن فى
الانحياز للناس وفى الاستقرار.. وهذا ما فعله السيسى لم يستول على الحكم بانقلاب –
كما يزعم الإخوان - ولكنه أعاد الأمور إلى نصابها وأطاع الشعب تحقيقاً لاستقرار
الدولة بعد مرورها بعام من "الأخونة ".. تم فيه خطف الدولة من قبل الإخوان..
والمتأخونين..
لم
ينبهر السيسى بأضواء السلطة.. أو بكرسى الحكم واكتفى بخدمة الوطن.. ولهذا تأخر
قراره.. أعتقد أنه يوازن بين موقعه كوزير دفاع ورئيس للجمهورية.. أيهما أجدى وأنفع
للوطن.. أن يستمر فى موقعه كوزير للدفاع فى هذه الظروف الصعبة والعسيرة من عمر
الوطن.. أم يُمسك بزمام الأمور كرئيس للجمهورية.. وهنا يتحتم عليه أن يدير أمور
الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. إلى جانب الأمور العسكرية..
هذه
المواقف تتبادر للأذهان فور مقارنتها بموقف العديد من الباحثين والطامحين والطامعين
فى كرسى السلطة ممن لا يملكون القدرة أو المقدرة أو الكفاءة لهذه المرحلة.. بل
بعضهم يملكون النفوذ أو المال.. وبعضهم يملكون القدرة على المناورة والخداع.. والبعض
قادمون من غيابات التاريخ.. وهم يطرحون أنفسهم الآن.. أو يستعدون لطرح أنفسهم
قريباً..
إن
هؤلاء أشبه بالفراشات عندما تحوم حول الضوء.. يجذبهم ضوء السلطة المبهر.. غير أنهم
لا يُدركون أنهم يسعون إلى حتفهم بأقدامهم.. ولكنهم لا يدركون أن الفراشات لا تسعى
نحو الضوء طمعاً فى البريق.. بل تلجأ وتسعى للضوء – كما يقول العلماء - طلباً
للانتحار بهذه الطريقة.. بعضها يدور حول الضوء بحركة حلزونية أثناء اتجاهه نحوه.. في
حين يتجه البعض الآخر مباشرة إلى الضوء ثم يدور حوله.. وفى الحالتين سعياً
للانتحار ولكن كلٌ بطريقته.. وعندما تصبح الفراشات قريبة من مصدر الضوء فإنها
غالبا ما تفقد حاسة الرؤية.. وتفقد الإحساس بالاتجاه أو تعيش حالة خداع بصري تظهر
لها وجود مناطق مظلمة آمنة بالقرب من حدود مساحة الضوء..
ورغم
أن الفراشات ومع كونها حشرات.. تُدرك ما تفعل.. إلاّ أن الباحثين عن السلطة والساعين
لها دون مؤهلات لا يُدركون – وربما بعضهم يدركون – ولكن بريق السلطة يعميهم ويغشى أبصارهم..
فيواصلوا السعى والمسير نحو النهاية.. الفشل والتجارب خير دليل على فشلهم.. وما
قادنا إليه فشلهم..
إن
المُتابع والمُدقق فى أهل السلطة والساعين إليها فى مصر الآن.. يرى أغلبية من أنصاف
المواهب ومعدومى المواهب.. فى وقت صعب وحرج تمر به مصر.. فى حين أن أصحاب المواهب والمؤهلين
للسلطة يعزفون عن المشاركة فى هذه "الزفة الكدابة" لأنهم يُدركون أن أنصاف
المواهب.. صوتهم أعلى.. ولكن عليهم أن يتذكروا أن مصلحة الشعب تستدعى أن يتقدم
المخلصون الصفوف.. فالسلطة تكليف لا تشريف.. ولهذا تتمسك الأغلبية بالسيسى .