رئيس التحرير
عصام كامل

"درء" الفوضى مقدم على "جلب" الحرية


سوف يسجل التاريخ أن الإخوان أعداء الوطن، جعلوا القمع عند الشعب "أهون" و"أرحم" و"أخف ضررا" من إرهابهم، وجعلوا الفاشية والدولة البوليسية رغبة وإرادة جماعية يطلبها "بكامل قواه العقلية" فى مواجهة خيانتهم وإجرامهم.



تسلم الإخوان مصر وكان من الممكن أن يدشنوا لدولة الحرية التى حرم منها المصريون أكثر من ربع قرن، لكنهم بغبائهم وحماقتهم وبما يمارسونه الآن من تخريب وحرق وتدمير وترويع وقتل وتفجير يجرون البلد إلى "مزنق" هو أبعد ما يكون عن تلك الحرية، بعبارة أخرى هم يكسرون هيبة الدولة ويقودونها إلى الفوضى والتخريب ويجبرونها على الدفاع المشروع عن النفس، هذا الدفاع المشروع قد يأخذ أشكال القمع والفاشية المؤيدة والمدعومة شعبيا فى مواجهة إرهابهم.

الإجرام الإخوانى هو الذى أجبر الدولة على إصدار قانون التظاهر، وعلى إعادة تسليح الشرطة، كراهيتهم للقوات المسلحة هى التى أجبرت لجنة الخمسين على تحصين منصب وزير الدفاع، وعلى استحداث مادة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

كان من الممكن - لو انسحبوا من المشهد بهدوء واعتذار دوافعه الاعتراف بالخطأ - أن يؤسسوا لدولة ديمقراطية لا دولة بوليسية قمعية فاشية، لكن أخطر تداعيات ما يفعلونه الآن أنهم وضعوا الدولة فى موقف الدفاع الشرعى عن النفس، إلى حد أننا صرنا أمام دولة خاضعة لاحتلال وجماعة هى التى تحتل وتغتصب .

هناك من يمزج بخبث شديد بين الفاشية الدينية والدكتاتورية العسكرية ويدعون أن مصر سوف تتحول إلى دولة بوليسية يحكمها العسكر، بعد أن تحررت من حكم الفاشية الإخوانية، ولهؤلاء أقول "هناك فرق كبير بين مؤسسة وطنية، وجماعة عميلة لا تنتمى للوطن، والإخوان هم الذين يمهدون الأجواء ويمنحون صك المشروعية لتولى المؤسسة العسكرية أو أحد قادتها حكم مصر، هم الذين زرعوا الفوضى وضيعوا الأمن وغيبوا الشرطة وجهازها الأمنى، وفككوا كل المؤسسات بهدف التمكين، بحيث لم يبق مؤسسة متماسكة سوى المؤسسة العسكرية، والآن العبرة بمن أنقذ، ومن حمى ومن وضع كفنه على يديه وقرر أن يستجيب لإرادة كل الشعب، ولأن المؤسسة العسكرية هى التى أنقذت البلد من السقوط فى مستنقع العمالة والخيانة والإرهاب الإخوانى، ولأن الشعب مقتنع أنها مؤسسة وطنية طوال تاريخها، تنحاز له وليس للحاكم، ولم تخن ولم تفرط فى الأرض مثلهم، لم ترع الإرهاب أو تتستر عليه، فأهلا بها فى الحكم باعتبارها المؤسسة الوحيدة القادرة على "تربيط صواميل" دولة مفككة أصبحت تلامس الفوضى وغاب فيها الأمن والأمان.

مصيبة ما تفعله هذه الجماعة أنها كمن يطلق الزغاريد فى سرادق عزاء، وكمن يولول فى قاعة أفراح .. لقد فاض الكيل وبالبلدى "الناس جابت آخرها" .. لا المكان ولا الزمان أصبحا ملائمين، لم يعد أحد يحتمل الفوضى أو الشغب أو التخريب.

تمزيق طالبات المحظورة لأوراق الامتحانات صار الآن فى يقين الجميع امتهانا لشرف وكرامة وهيبة مصر بعد أن كان عملا بطوليا، قنابل المولوتوف التى يلقيها طلاب المحظورة على الشرطة والمواطنين كانت تحظى فى مرحلة سابقة بالتصفيق والتعاطف باعتبارها نوعا من الشجاعة، أما الآن فقد صار الجميع ساخطا على تخريب المنشآت ويتمنى القبض على هؤلاء المخربين لأنهم لا يراعون ظروف الوطن.

لقد ثار المصريون طلبا للحرية فى 25 يناير، وثاروا فى 30 يونيو لأن الحرية التى نشدوها أفضت إلى الفوضى، لكن "درء" الفوضى صار مقدما على "جلب" الحرية، ومصر الآن فى حاجة – مؤقتا – وأضع تحت مؤقتا مليون خط، إلى دكتاتور عادل ينقذ سفينة الوطن من الغرق حتى لو ارتدى زيا عسكريا.

الجريدة الرسمية