الزراعة والبحث العلمى وصحة المواطن
حضرت مؤتمر إنجازات معهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية ولاحظت أن الباحثين يعملون فى جزر منعزلة عن بعضها البعض فهم يتكلمون عن أبحاث غير قابلة للتطبيق وإن طبقت فستطبق على نطاق ضيق جداً.
ولاحظت أن معظم الأبحاث مرتبطة ارتباط كلى بعملية التصدير، وعندما طلبت الكلمة من مدير المعهد وسألت سيادته لماذا نصب كل اهتمامنا فى التصدير للخارج وننسى حق المواطن العادى فى غذاء نظيف فنحن بذلك نزرع الحياة لدول أمريكا وأوربا وإسرائيل حيث نصدر لهم كل المحاصيل الخالية من متبقيات المبيدات ونعمل قصارى جهدنا فى تربية المفترسات التى يطبقها من يهتمون بالتصدير وهى المزارع الكبرى وندخر لأنفسنا الموت حيث يكون كل ما نستهلكه من غذاء وشراب ليس له مقاييس جودة مما يكفى لإصابتنا بكل أمراض العالم, فأين نصيب المزارع الصغيرة السمراء والتى يأكل من زرعها كل المصريين والتى لا توجد بها أى رقابة عن متبقيات المبيدات والتى لم يأتها أى باحث أو إحدى المجموعات الإرشادية لتزرع فيهم الاحتياج إلى بدائل المبيدات وإنتاج الغذاء الصحى فكان رد المدير أنه قطع حديثى واتهمنى بأننى أتكلم عن شىء خارج اهتمام وتخصص المعهد.
فنحن ياسيادة الدكتور مدير معهد بحوث وقاية النباتات المنوط بنا فى الدولة وقاية النباتات وإنتاج محصول صحى خال من أى مواد ضارة نعم بالمشاركة مع جهات الوزارة المختلفة والتى لابد أن نخلق حلقة الوصل بيننا وبينهم ونمد جسور التعاون التى تربط بعضنا البعض لصالح الوطن .
ولذلك فلابد أن يكون هناك إستراتيجية تتيح للباحثين العمل المشترك مع جهات أخرى ربما تكون غير زراعية هندسية طبية اجتماعية لأن البحث العلمى قد تغير مفهومه وأصبح الباحث وهو فرد من فريق كبير يسير لهدف واحد ونحن الآن نعيش فى عالم متشابك يؤثير ويتأثر بكثير من العوامل التى أصبحت غير تقليدية.. فلابد للباحث أن يكون على دراية بكل ما يحيط به من علوم كالهندسة والطب والزراعة ويحاول أن يفك الشفرات والعلاقات المتشابكة ويحلل ويطبق مع فريق عمل مختلف التخصصات.. ولن يتم هذا بشكل فردى لابد أن يكون هناك إستراتيجية واضحة لوزارة الزراعة تعمل من خلال مجموعات بحثية بين المعاهد المختلفة ويكون الباحث ما هو إلا فرد من مجموعة بحثية كبيرة منظمة .
وأنتم أيها المسئولون من لهم الحق فى وضع الإستراتيجيات والأيديولوجيات فالمفروض أننا المبدعون.. فلماذا نصر أن نكون تقليديين ولماذا نقتل الإبداع فى الباحثين .
ويذكرنى هذا بمؤتمر حضرته فى كلية الزراعة جامعة القاهرة عن تطوير التعليم الزراعى فى مصر فهم يسعون لعمل مناهج وطرق لتخريج مهندس زراعى ينافس فى سوق العمل ولم يعجبنى كل ما قيل وكل ما طبق، حيث إنهم ما زالوا يعاملون الطالب كأنه سيتخرج ليعمل باحثا فى معمله ومن يضع المناهج الزراعية هى ليس على دراية بسوق العمل الزراعى وما هى المواصفات والمقاييس التى تحتاج إليها السوق أو حتى محاولة خلق مفهوم حديث للزراعة يقتنع به المُنتج وينفذه وبالتالى يحتاج للمهندس الدارس والمحترف هذا المفهوم .
فالحلقة مفقودة.. فأستاذ الجامعة كل ما يعرفة هو مجال البحث العلمى وكل ما يدرسه للطالب هى نتائج هذه الأبحاث فيتخرج وهو تائه لا يعرف أين يعمل بما تعلم فيتخبط فى كل الوظائف البعيدة تماماً عن مجال الزراعة.. وإن عمل فى مجال الزراعة فلا يستطيع أن تفرقه عن العامل العادى فهى بدايته حتى يتقن الزراعة ويتدرج فى المراتب الوظيفية الزراعية داخل المزرعة ليصبح مسئول زراعة أو بتعبير أدق مشرف زراعة .
فدراسة الزراعة فى مصر لا إبداع فيها ولا تطور حيث يعتمد الطالب كلية على التلقين والإملاء من بدء دراسته حتى مرحلة الدكتوراه فليس له حق التفكير وليس له حق حلم ما بعد التخرج .. لك الله يا مصر.