فلول الإخوان
أرجو ألا تصدق أن الإخوان يريدون العزل السياسى لقيادات الحزب الوطنى حرصاً منهم على الثورة وأهدافها.
كما أرجو ألا تصدق أن الحملة الشعواء التى شنوها ضد اللواء عمر سليمان مدير جهاز المخابرات الأسبق، عندما ترشح للرئاسة، كانت بسبب أن الرجل، رحمه الله، من رجال مبارك. ولا تصدق أنهم حاربوا وما زالوا يحاربون الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسى لأنه كان رئيس وزراء فى عهد مبارك.
لماذا أطلب منك عدم التصديق؟
أولاً لأنهم كانوا يعقدون الصفقات السياسية مع النظام السابق ( الفاسد الديكتاتورى) كما كانوا يطلقون عليه. وإذا رجعت إلى تصريحات قيادات التنظيم السرى للإخوان سوف تتأكد من ذلك. فقد كانوا يخلون دوائر انتخابية لقيادات الحزب الوطني منهم مثلاً زكريا عزمى. وصرحت الكثير من قياداتهم أنهم ليست لديهم مشكلة فى أن يأتى جمال مبارك إلى الموقع الرئاسى، بشرط أن تكون انتخابات ديمقراطية.
هذا أولاً وثانياً: هم أنفسهم الذين سارعوا
بعقد صفقات ولقاءات مع عمر سليمان عندما كان نائباً لمبارك، فى حين أن باقى القوى السياسية
والثورية فى ميادين مصر كانت ترفض.
وثالثاً أن الحرب الشعواء التى شنوها ضد عمر سليمان كانت بسبب الصندوق الأسود الذى تحدث عنه الرجل والخاص بالإخوان، بحكم موقعه كرئيس جهاز مخابرات. ناهيك عن الشعبية المتوقعة له إذا ترشح للموقع الرئاسي. ومثله الفريق أحمد شفيق الذى كانوا يعرفون أنه سيحقق رقماً مهما فى الانتخابات الرئاسية وهو ما حدث.
فما معنى هذا؟
معناه أن التنظيم السرى للإخوان لا تحركه "المبادئ العظيمة" التي يروجون لها. ولكنها المصلحة السياسية المباشرة لهم. وإذا أردنا أن يكون التعبير أكثر دقة، فهى الانتهازية السياسية. والحقيقة أنهم ليسوا وحدهم، فهذا فى الأغلب الأعم هو حال السياسة، ولكن لديهم الجرعة زائدة جداً جداً، بل وفجة وتخلوا فى الأغلب الأعم عن أى قدر من المبدئية.
دعني أعطيك مثالاً واحداً: عندما حصلوا مع حلفائهم على الأغلبية البرلمانية، سبوا ولعنوا الثوار، وقالوا إن الشرعية ليست فى ميدان التحرير، ولا فى الميادين ولكن فى البرلمان. بل وغضوا الطرف عن جرائم الاعتداء وقتل الثوار. ولعل القارئ الكريم يتذكر جلسة مجلس الشعب التى كانوا يدافعون فيها عن وزير الداخلية الذى يقتل مواطنين أمام وزارته. وتذكر ماذا فعلوا مع هؤلاء الثوار والقوى السياسية عندما أرادوا دعمهم ضد "مرشح الفلول" أحمد شفيق. وتذكر أيضاً رجال الأعمال "الفلول" الذين كانوا على طائرة الرئيس وهو فى طريقه إلى الصين. ناهيك عن التفاهمات التى أجراها معهم حسن مالك وخيرت الشاطر.
لذلك لا تصدقهم عندما يشنون حرباً الآن ضد "الفلول"، إلى درجة أنهم يضعون مادة فى دستورهم، بعد أن فشلت محاولة عزل "الفلول" عبر قانون مشكوك فى دستوريته.
إذن لماذا يشنون هذه الحرب ضد "الفلول" الآن؟
لأنهم يريدون إزاحتهم من الانتخابات البرلمانية القادمة. فالحقيقة التى يعرفها التنظيم السرى لهم ويعرفها الجميع، أن الحزب الوطنى ما زال موجوداً بقوة على الأرض، كان واضحاً فى الانتخابات الرئاسية، وهم فى الحقيقة القوى المزعجة للإخوان أكثر بكثير من باقى القوى السياسية.
هل هم مخطئون؟
أقصد الإخوان، بالطبع لا، ولكننا نكون مخطئون لو صدقناهم. وإذا كانوا هم يبحثون عن مصالحهم، فالأفضل لى ولك أن نمشى وراء مصالحنا المباشرة ولا نصدق شعارات براقة ولكنها كاذبة.