رئيس التحرير
عصام كامل

مشروع زيارة المسجد الأقصى وفلسطين


من المقرر شرعا أنه لا يحكم على شيء بحكم تكليفي «واجب، مندوب، حرام، مكروه، مباح» إلا بنص شرعي من آية قرآنية محكمة، أو سنة نبوية صحيحة، أو إجماع معتبر، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل معتمد معتبر.


ومسألة زيارة أماكن في غير حكم المسلمين فلا مانع حتى لو كانت الأماكن لمسلمين واحتلها غاضبون كالأراضي الفلسطينية وما يماثلها من أماكن في مناطق في العالم المعاصر، وزيارة المسجد الأقصى ومكانة القدس الشريف، ومزارات أخرى، ومعالم دينية لا حرج في القدوم إليها وإن كانت تحت الاحتلال الصهيوني، ولا يعد هذا كما تعطيل مانعون تطبيقا مع العدو الإسرائيلي، لأن المعقول على فرض صحته لا يناهض المنصوص الشرعي، فزيارة السجين ليست رضا أو مودة لسجانه!

وقد تواترت وتوافرت أدلة نصية وعقلية على مشروعية زيارة فلسطين بما فيها من مزارات فمن ذلك:
١- أخرج الشيخان - البخاري ومسلم - بسندهما أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- قال: لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» فتح الباري ٦٣/٣، مسلم ٩٧٦/٢.
وجه الدلالة: جعل الشرع المطهر المسجد الأقصى أحد ثلاثة مساجد تشد إليها الرحال - إعلام الساجد ص ٢٨٨، تحفة الراكع والساجد ص ١٨٧.

٢- حدوث معجزة «إلإسراء» بدء من مكة وهي تحت السيطرة القرشية الوثنية، و«المعراج» والقدس تحت الحكم الروماني.

٣- أداء رسول الله -صلي الله عليه وسلم- عمرة القضاء في ذي القعدة سنة ٧ هجرية، ومكة والمسجد الحرام قيد الهيمنة القرشية الأصنامية الشركية: فتح الباري ٥٧١/٧، الروض الأنف مع سيرة ابن هشام بالهامش ٧٦/٤ وما بعدها.

٤- زيارة مسلمين صحابة أخيار لمكة وهي تحت السيطرة القرشية الشركية مثل زيارة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لها وقت صلح الحديبية - صحيح البخاري ٤٨/٧ وما بعدها، وسند أحمد ٥٩/١، أما عدم طوافه بالبيت الحرام وقتها تقدير منه لسيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم- الذين أحصروا وقتها عن البيت الحرام.

٥- لما حصل اجتياح القرامطة لمكة ونزعهم للحجر الأسود من مكانه سنوات، فإن المسلمين يمتنعوا عن أداء المناسك للحج والعمرة.

٦- من المقرر شرعا أنه «إذا كانت المصلحة فثم شرع الله » ومؤازرة أهل فلسطين بالقدس وغيرها وتفقد أحوالهم على أرض الواقع، ومشاورات ومناصحتهم، وتكثير أعدادهم ضد الاحتلال الصهيوني والعدوان الإسرائيلي، كل ذلك مصالح شرعية معتبرة.

٧- الأصل في الأشياء الإباحة، فلا مانع حيث لا مانع، وزيارة مقدسات الإسلام «المسجد الأقصى» ومعالم ومزارات كلها بركات «باركنا حوله» من القربات التي يحصن عليها الشرع المطهر.

٨- معروف أنه لا يحرم على الناس شيء إلا بنص حافز مانع من آية قرآنية محكمة، أو سنة نبوية صحيحة، أو إجماع معتبر معتمد، ودعاوي هجر المسجد الأقصى والقدس خالية من هذه الأدلة والأصول الشرعية المعتمدة، فلا يعتد بآراء عقلية تجابه المنصوص.

تأسيسا على ما ذكر: شد الرحال إلى المسجد الأقصى تشرفا وتبركا، وزيارة معالم إسلامية مشروعة ومهمة، ولا يعتد بآراء سياسية فاقدة لفقه المقاصد والواقع والأولويات.

تطبيقا لما ذكر فقريبا ألبي الدعوة الكريمة من شيخ المجاهدين بحق فخامة الرئيس محمود عباس - حفظه الله وأعانه وإخوانه- رئيس دولة فلسطين لزيارة المسجد الأقصى والقدس والحرم الخليلي الإبراهيمي ومراقد سادتنا الأنبياء والرسل - عليهم السلام- والأولياء والمجاهدين رضي الله عنهم.
والله -تعالي- من وراء القصد.
الجريدة الرسمية