رئيس التحرير
عصام كامل

«المُحلًّل بوابة السيسي للرئاسة».. نموذج « بوتين- ميدفيديف» يطرق أبواب «الاتحادية».. «منصور» و«موافي» الأقرب لدور «الوصيف».. «شفيق»

الفريق أول عبد الفتاح
الفريق أول عبد الفتاح السيسي

«هل يتكرر سيناريو بوتين وميدفيدف في مصر؟.. هل سيكون السيسي الطرف الأقوى في معادلة (تبادل الأدوار)؟».. «لماذا ترددت أسماء منصور وموافي وشفيق وصباحي للعب دور الوصيف؟».. "هل بالفعل سيخرج الإسلاميون من مولد انتخابات الرئاسة بلا حمص؟".. أسئلة تطرح نفسها بقوة في الشارع السياسي المصري، تاركة الإجابة لما ستكشف عنه الأيام المقبلة..

يبدو أن لعبة «تبادل المقاعد»، أو «تبادل الأدوار» هي النموذج الأوحد الذي يتوقع تنفيذه فيما يشبه تكرارًا للنموذج الروسي «فلاديمير بوتين وميدفيديف» بمصر بعد ثورة 30 يونيو، فنظرًا للأزمة الطافية على السطح الآن حول من شخصية الرئيس «الثامن» لمصر بعد الجمهورية فإن المؤشرات جميعها تؤكد أن الطرف الأول الموجود على السطح الآن هو «الفريق أول عبد الفتاح السيسي»، لكنه ليس واضحًا هل سيكون هو رقم 1 في المعادلة «الرئيس» أم رقم 2 «رئيس الوزراء»؟.. أما الطرف الثاني فلا يزال «مجهولًا»، لكن سباق الترشيحات والتوقعات انحصر في الرباعي: «الرئيس الحالي عدلي منصور، ومدير المخابرات السابق مراد موافي، ورئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، ومؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي».

كما خرج من هذا السيناريو الفريق سامي عنان لخلافه مع المؤسسة العسكرية إثر نشر مذكراته التي تحتوي على أمور خاصة بالجيش وقياداته والتي اعتبرها كثيرون إضرارًا بالأمن القومي للبلاد، وكذلك الترويج بأنه المرشح الخفي لجماعة الإخوان، والاتهامات التي طالته بأنه وطنطاوي سلما البلد للإخوان على طبق من ذهب، إضافة إلى كم السخرية والتهكم الذي ناله فور الإعلان عن رغبته الترشح للرئاسة، وكذلك عبد المنعم أبوالفتوح رئيس حزب مصر القوية نظرًا لاعتباره 30 يونيو وما بعدها انقلابًا عسكريا وتحركاته المريبة التي يقوم بها من أجل عودة الإخوان مرة أخرى لصدارة المشهد وما يتردد عن اختيار ومباركة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان له ليكون المرشد القادم للجماعة.

وعن دور البطولة في السيناريو، فإن الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي كان بطل مشهد 30 يونيو ولو استمر الحال إلى الآن كما كان بعد 30 يونيو ما استطاع أحد أن يقف في طريق ترشحه للرئاسة، لكن عوامل عديدة تداخلت فيما بينها أثرت على فرص ترشحه لرئاسة الجمهورية 2014.

وتقاسم هذه العوامل المتداخلة معسكران الأول يضم ما يسمى بـ«التحالف الوطني لدعم الشرعية» ومن أطلق عليهم «الطابور الخامس» والمنتفعين من التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، وهم يخوضون حربًا شعواء ضد الفريق السيسي والمؤسسة العسكرية معتمدين على قناة الجزيرة وشبكة رصد الإخبارية وأبواقهم الإعلامية الممولة من قطر وتركيا، زاعمين أن هناك أطماعًا رئاسية للسيسي وأن 30 يونيو ما هي إلا وسيلة للوصول للكرسي، وتصوير أحداث فض رابعة والنهضة على أنها مذبحة في حق الإسلاميين مستعينين في ذلك بالمادة الإعلامية المتعلقة بأحداث بورما والثورة السورية ونسبها إلى الحالة المصرية، ثم تسريبات «رصد» الأخيرة وتجزيئها لإخراجها من سياقها العام.

المعسكر الآخر الذي أثر سلبًا في الفريق أول عبد الفتاح السيسي هو معسكر الحلفاء، وهم كـ«الدابة التي قتلت صاحبها»، ويضم المعسكر حملات دعم السيسي مثل «كمل جميلك، وكمل جميلك يا شعب، ونريد السيسي رئيسًا، وتوحد، ونريد»، وحملات أخرى كثيرة أضرت بـ«السيسي» أكثر مما أفادته وأطرفها ما فعله أحد رؤساء الأحزاب المشتركة في تلك الحملات، عندما طرح «زيت طعام» في الأسواق أسماه «زيت السيسي».

ويضم هذا المعسكر أيضًا جبهة «مصر بلدي» التي وإن كان الهدف من إنشائها وطنيًا، إلا أن كثيرين من أعضائها عليه علامات استفهام كبيرة، وما حدث في مؤتمرها الأول لهو أكبر دليل على أنها ضد وليست مع السيسي، فظهور كل الكوادر القديمة للحزب الوطني في المؤتمر ومناداتهم بالسيسي رئيسًا للبلاد أثار الشك في نفوس كثيرين ممن كانوا يرون في السيسي المخلّص لمصر من الإخوان والحزب الوطني معًا لكن جاءتهم رياح المؤتمر بما لا تشتهي سفنهم.

لكل الأسباب السابقة مجتمعة ولاستحالة تقبل الشعب فكرة خروج السيسي من المشهد طرح البعض النموذج الروسي ليكون ممرا للخروج من هذا النفق المظلم على أن يؤتى برئيس تابع لمعسكر 30 يونيو ويظل السيسي في موقعه كوزير للدفاع، ويكون ذلك لفترة رئاسية واحدة على أن يصبح السيسي في الدورة التالية رئيسًا للبلاد، لكن السؤال الذي يدور في الأذهان الآن: من سيكون الرئيس القادم وما الضمانات على إبقائه على السيسي وزيرًا للدفاع وعدم الإطاحة به في أول تشكيل للحكومة؟

الإحداثيات الموجودة على الساحة الآن كلها تؤدي لنتيجة واحدة وهي أن الأقرب لتنفيذ ذلك السيناريو أربعة أسماء يتقدمهم الرئيس عدلي منصور وحينها سيبقى الوضع على ما هو عليه مع تغيير في التشكيل الوزاري قد يشمل الببلاوي وزياد بهاء الدين وحسام عيسى والدميري ودرية شرف الدين، والثاني هو اللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة السابق والمدير السابق للمخابرات الحربية وحامل مفاتيح الصندوق الأسود لجماعة الإخوان، وموافي صاحب تأثير كبير على المفاوضات، والتطورات والقضايا الحساسة في المنطقة، ولديه علاقة مباشرة مع السعودية، والأردن، وسوريا، والسلطة الفلسطينية، وحماس، وأيضا مع روسيا والولايات المتحدة ولا مانع لديه في بقاء السيسي وزيرًا للدفاع. 

ثالث الأسماء المطروحة للرئاسة هو الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق والهارب إلى الإمارات وإن كان قد أعلن عن عدم طرح نفسه كمرشح للرئاسة إذا ما أعلن السيسي ترشحه، فإنه لا يمانع أيضًا في بقاء السيسي وزيرًا للدفاع لتأكده من أن التوفيق لن يكون حليف أي مرشح عسكري ما لم ترض عنه المؤسسة العسكرية، ولابد أن تبارك له بالترشح والدليل إخفاقه سابقًا، لأنه لم يكن مؤيدًا من قبل المجلس العسكري. 

أما آخر الأسماء وأقلها في بورصة التوقعات فهو حمدين صباحي على اعتبار أنه قد يقبل في سبيل اعتلائه كرسي الرئاسة أي شيء حتى وإن كانت الرئاسة الشرفية منزوعة الصلاحيات، ومن السهل جدًا إزاحته من على الكرسي بعد الفترة الرئاسية الأولى ليحل محله الفريق أول عبد الفتاح السيسي.

المشهد ضبابي والساحة تشهد حالة غير مسبوقة من الارتباك، والحديث يكثر عن صفقات هنا وهناك، وقد تظهر مفاجآت لم ترد على الأذهان والكل الآن في انتظار القادم المجهول ولا عزاء للثورات.

الجريدة الرسمية