رئيس التحرير
عصام كامل

دستور ليلى علوي


خرجت من عملي يوم الخميس متأخرا منهكا، أجر أقدامي جرا ومعدتي الخاوية منذ الصباح تصفر فيها الرياح، القهوة والسجائر صنعت حزاما من الألم يحيط بخصري، وكادت سيارة مسرعة تدهسني في الطريق، كنت تقريبا لا أستطيع الرؤية جيدا، وأتمني الوصول إلي البيت بأي طريقة مهما كانت، وفي ميدان الجيزة قفزت في ميكروباص وأنا أمني نفسي بالعشاء الساخن، وأيضا أرتب في ذهني مهمات العمل لباقي اليوم واليوم الذي بعده، رأسي تسقط للخلف والنوم يهاجمني بشراسة، وفجأة بدأت سرعة الميكروباص تقل، حتي أصبح كالسلحفاة، وفشلت محاولات السائق اللولبية في تجاوز السيارات المجاورة ثم توقفنا.


بعد أكثر من ساعة ونصف وجدنا وقفة لمؤيدي الشرعية يرفعون علامات رابعة أعدادهم لا تتجاوز العشرات فقط مائة أو أكثر ولكن يصنعون جلبة وضجة عارمة بالسماعات العملاقة والشماريخ والطبول الأفريقية، وهتف في وجهي رجل يحمل كمبيوتر عليه علامة رابعة "دستور ليلي علوي لأ، ووجدت ركاب العربة يرفعون إشارة رابعة وقالت إحداهن نريد أن نمر بسلام بدلا من أن يدمروا العربة نريد أن نصل لبيوتنا سالمين.

من حق أي شخص أن يعبر عن رأيه ولكن بدون تجريح، وإذا كانت ليلي علوي في لجنة الخمسين فهذا لا ينقص من الدستور، فالفنانون كان دورهم مناقشة المواد الخصة بالثقافة والفن وحرية الإبداع وتدخلهم كما هو ثابت في محاضر الجلسات كان لتلك المهمة فقط، واللجنة بها فقهاء القانون الدستوري وبقية ممثلي طوائف الشعب ولم تقتصر علي فئة بعينها مثلما كان دستور 2012 الإخواني، ليست المشكلة في الدستور الجديد أن به ليلي علوي أو خالد يوسف أو أحمد بدير، ولكن المشكلة أن هؤلاء القوم الذين يعطلون الطريق علي شخص غلبان ومنهك مثلي يريد أن يعود إلي بيته.. إنهم لم يقرءوا الدستور أساسا، ولم يعرفوا مواده، وعندما حاولوا وجدوه أحسن من دستور جماعتهم، فطبعوا نسخا مزورة يريدون أن يقنعوا بها العوام أن الدستور يعطي حقوقا للشواذ وأصحاب الديانات غير السماوية، كما أنه يفتح الطريق أمام المحاكمات العسكرية، ولا يعطي الحق لرئيس الجمهورية في عزل وزير الدفاع، بمنطقهم ليلي علوي هي من وضعت تلك المواد، ولأنها مجرد فنانة فلابد أن نقول لا للدستور، والمشكلة أنهم يحرفون نصوص تلك المواد الخلافية لمصلحتهم، ولابد فورا من أن تضطلع الوزارات مثل الثقافة والإعلام والشباب والأوقاف بشرح الدستور ومواده الخلافية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب لأن الحرب علي البسطاء تستهدف عقولهم البسيطة لكي يصوتوا بلا.

ليلي علوي واضحة وصريحة، لا تنكر السيدة أنها فنانة ومثقفة، ولا تتبرأ من أعمالها، المشكلة في هؤلاء الذين يقولون لم نقل ولم نفعل وكل شيء مثبت عليهم بالصوت والصورة، الكذب يجري في دمهم، منذ بدعة المائة يوم في أول عهد مرسي حتي انتهاء اعتصامهم في رابعة ومقولتهم مش إحنا.

الجريدة الرسمية