الأولة فى "الحكمة" و"الفال" للبقية
ترقبت ما تسفر عنه انتخابات التجديد النصفي في نقابة الأطباء، وما إن أعلنت النتائج الرسمية حتى قفزت إلى ذهني أغنية "الأولة في الغرام"، التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم في منتصف الأربعينيات للشاعر بيرم التونسي، تركت الأغنية كلها وتوقفت عند جزئية "الأولة نار وقادت والسبب نظرة.. والثانية ما طلت غير الصبر والحسرة.. والثالثة أنا اللّي جرى لي عمره ما يجرى".
هذه الأبيات تترجم إلى حد بعيد حال "الإخوان المجرمين" في هذه الانتخابات، إذ فقدوا للمرة الأولى منذ 28 عاما السيطرة على النقابة، لكننا لا نريدها الخسارة الأولى وينتهي الأمر، بل يجب العمل على سحق "إخوان الشياطين" وهزيمتهم في مجالس جميع النقابات التي استحوذوا عليها، معتقدين أنها "تكيات" يرثها أبناء "جماعة الإفك والإرهاب"، ولأنهم اعتبروا مبنى نقابة الأطباء "دار الحكمة" أحد معاقل الجماعة، فقد أصيبوا بالصدمة وتجرعوا المرارة والحسرة من الهزيمة المدوية، صحيح أنهم خسروا نقابة الصحفيين من قبل، لكنها لم تكن من معاقلهم كالأطباء، لهذا يجب أن نعتبر طردهم من "دار الحكمة الأولة وفال خير" لبداية مواجهة حقيقية مع المجتمع المصري بجميع أطيافه.
يخبرنا التاريخ بأن "الجماعة الإرهابية" لم يكن بمقدورها العمل السياسي علنا في ظل رؤساء أقوياء تولوا حكم مصر، من هنا عمل "الإخوان" تحت الأرض وتغلغلوا في المجتمع لتثبيت قواعدهم عن طريق السيطرة على النقابات واتحادات الطلبة في الجامعات، وقد نجحوا في مسعاهم وأصبحت النقابات واتحادات الطلبة "مسيسة" تماما وتدين لهم بالولاء، لكن ليس لقوتهم أو لأنهم أفضل من التيارات الأخرى، بل لأن الطلبة وأعضاء النقابات من غالبية المصريين لم يهتموا بأمر هكذا انتخابات، ولم يدركوا تأثيرها المجتمعي على المدى البعيد.
وكان من نتائج تقاعس وإحجام غير المنتمين للجماعة عن المشاركة في الانتخابات الطلابية والنقابية، أن استحوذ "الإخوان" وانتشروا في المجتمع من عشرات السنين تنفيذا لمخطط التنظيم الدولي التابعين له، وعندما تلاقت الأهداف والمصالح مع أقطاب المؤامرة الدولية على مصر، تمكن "الإخوان" باعتبارهم الأكثر تنظيما وتغلغلا من استقطاب بعض الحركات والجماعات العميلة الممولة من الخارج وعملوا معا على إنهاك البلد ومازالوا، ولولا يقظة الشعب وثورته بدعم الجيش والشرطة، لقلنا على "أم الدنيا" السلام.
إن جرائم الإخوان وأذنابهم في حق مصر والمصريين كلفتهم الكثير، وجعلتهم يخسرون الشعبية والتعاطف، ولم تعد الشعارات الدينية التي يرفعونها تجد آذانا صاغية، فالشعب بات أكثر وعيا على الأقل في القطاعات الحضرية والمدن، وإن كانت نسبة من أهل الريف والمحافظات تميل إلى من يطلق اللحية ويرفع الشعارات الدينية ولم تدرك بعد أنهم يتاجرون بالدين ويبيعون البلد بمن عليها.
وكما أسلفت لا يجب أن نركن إلى خسارة "الجماعة الإرهابية" نقابة الأطباء، بل على جميع أعضاء النقابات الحرص على المشاركة في الاقتراع، وأن يشارك أولادهم وإخوانهم في انتخابات اتحاد الطلبة في جامعاتهم ونتخذ من "الأولة في الحكمة"، والتالية في "المهندسين" وسائر نقابات مصر شعارا ننهي به السيطرة "الإخوانية".
ومع تحديد موعد الاستفتاء على دستور مصر الجديد، يجب علينا جميعا أن نسارع إلى المشاركة والتصويت بـ "نعم"، حتى ننتصر لدستور يؤسس لدولة "مدنية ديمقراطية تكفل العدالة الاجتماعية"، وليست دولة "إخوانية ديكتاتورية خاضعة لحكم جماعة إرهابية" كما أرادها دستور المرشد البيطري.
وآخر القول لابد أن يحذر الشعب من دعوات "الإخوان" ومن يعملون تحت إمرتهم أمثال العوا وأبوالفتوح وغيرهما الكثير من العملاء والمتلونين، الذين يطالبون بمقاطعة الاستفتاء وهي "حيلة مكشوفة"، حتى يركن غالبية الشعب إلى أنهم لن يشاركوا، فيتقاعس عن التصويت وتنخفض نسبة تأييد الدستور أمام نسبة الرفض، لأنهم في الحقيقة سيشاركون بكثافة لإسقاط الدستور.
علينا إذن الحرص على المشاركة في الاستفتاء وتأييد دستورنا الجديد وإفشال مخططات ومساعي الجماعة الإرهابية لعرقلة خارطة الطريق التي أيدها وتظاهر من أجلها نحو 35 مليون مصري وإثبات إننا على إنجازها لقادرون.