رئيس التحرير
عصام كامل

لا للدستور


ما زالت حكايات شارعنا تنساب هنا في هذه الزاوية الصغيرة، وأغرب هذه الحكايات ما قاله له لي بائع العيش "الخبز" وهو يقول لي إنه سوف يصوت بلا علي الدستور الجديد، وعندما سألته عن السبب أجاب بأن الدستور الجديد كتبه الفنانين والراقصات وأن هذا الدستور يساوي بين كل الأديان سواء السماوية أو غيرها ويعطي حقوقا للشواذ بل ويعطل تطبيق شرع الله، وكان السؤال البديهي في تلك اللحظة، هل قرأت الدستور؟ فكانت إجابته لا ولكن البعض قال له ذلك فهو لا يشرفه أن يقرأ دستورا مثل هذا ..



عم علي بائع الخبز طيلة النهار أمام صهد الفرن، يحمل طاولات الخبز الساخن، يده تشقت من أثر السخونة ولا يجد الفرصة حتي أن يفتح أي جريدة أو قناة فضائية ويستمع ويقرأ للرأي وضده، سألته ببساطة، من أين تأتي بدقيق الخبز، فأجاب بأن فرن العيش الحكومي يبيع لهم هذه الأجولة، فأجبته أي أن الدقيق مسروق؟ فقال لأن الحكومة فاسدة، وتستاهل اللي يجرالها .

منطق عم علي يشبه منطق الكثيرين الذين يرون في إفساد المال العام الذي هو ملكهم وسيلة للتنفيس ضد الحكومة أو الحكومات السالفة حتي بحكومة الإخوان، عم علي ومن علي شاكلته، لم تتغير نظرتهم إلي الحياة وذلك نتيجة طبيعية لأن حياتهم أساسا لم تتغير برغم قيام ثورتين في أقل من ثلاث سنوات، فالمعاناة هي المعاناة والفساد هو نفسه والقوانين لم تتغير، فقط تتغير الوجوه علي الفضائيات وفوق المقاعد يذهب مبارك فيأتي مرسي بنفس القوانين لم يفعل شيئا، وحكومة الببلاوي تضع في قرارة نفسها أنها مؤقتة، لذلك فتحركاتها بطيئة مرعوبة غير قادرة علي الفعل، المصيبة الأكبر أن الإخوان يا سادة عادوا للعمل مرة أخري بنفس منطقهم ـ تحت الأرض ـ يجهزون الناس البسطاء الذين هم السواد الأعظم من الشعب لكي يقولوا "لا" للدستور الجديد، في دستورهم الملغي حشدوا بنعم وقالوا إن من سيصوت بنعم سيدخل الجنة إلى آخر ما سمعناه في السنة الماضية، اليوم تحركاتهم تحت الأرض عادت مرة أخرى ليقنعوا عم علي البسيط الذي يشتري الدقيق المدعم لمخبزه ليبيعه أضعافا مضاعفة ظنا منه أنه بهذا ينتقم من الحكومة ويقنعونه أنه بعد كل هذه السرقة عندما يقول لا للدستور سيدخل الجنة .

من يتخيل أن قوة الإخوان قد قلت فهو واهم، فالإخوان ما زالوا متواجدين في الشارع ولكن بتحركات مختفية، ناهيكم عن تلك الوقفات في الشوارع فكلها مجرد رأس جبل الثلج، ولكن الخطورة في تحركاتهم في العشوائيات والقرى والنجوع، واستخدامهم المنابر، والذقن الطويلة التي يخفون خلفها سما سياسيا شديدا علي هذا الوطن، حاولت أن أقنع عم علي أن يقرأ الدستور أولا ولكنه كان قد اتخذ قراره. 

الجريدة الرسمية