حظ ووزة
حكايات شارعنا الصغير لا تنتهي، حظ، ووزة، اسمان لرجلين في الشارع، محمد حظ حلاق، وعلي وزة علي باب الله، عرفتهما عندما كنت أقص شعري عند حظ الذي به رجولة أولاد البلد، وجدعنة شباب المناطق الشعبية، أما وزة فضحوك، طيب القلب كطفل، ضحكته تخرج من قلبه وهو يدخن سيجارته، حتي أنني ضحكت عليه ذات مرة بعدما سمعت "طراطيش" حكايته عن نفسه وأوهمته أنني أستطيع قراءة الكف، يومها صدقني، ولكنني أفهمته أن كل ذلك نصب، هتف كالصبي الصغير الذي أبهره الساحر بأنه هو الذي نصب علي طوب الأرض استطاع ذلك الأفندي أن يضحك عليه، نمت بيننا صداقة كان مؤداها، أنني لو احتجت إلي أي خدمة، حماية أراضي، حماية شخصيات، فهم مستعدون برجالهم وذلك في مقابل بضع جنيهات .
أخبرني حظ بعد ذلك بأنه تاب عما كان يفعله "فالبلد مش ناقصة" كان حظ يتاجر في قطع السلاح الصغيرة المهربة من ليبيا أما وزة فيتاجر في الحشيش، من خلالهما عرفت أسماء غريبة غير "القرش" مثل فرش الحشيش ودولاب المنطقة، معني دولاب المنطقة أي المكان المخزن فيه الحشيش، كان الرجال يقولون إنهم بالفعل تابوا عما يفعلون، فنقود الحشيش وكأن بها "سبروتو" تطير إذا انفتح الجيب في أي سهرة، تطير كالدخان، أما تجارة السلاح فالشرطة أصبحت بعد ثورة 30 يونيو يقظة وأنهم نزلوا لتأييد الفريق السيسي ضد الإرهاب فكيف يتاجرون في هذا الموت .
حظ ووزة ثنائي استفاد من فترة ما بعد 25 يناير والانفلات الأمني، أصبحت تجارتهما رائجة، استطاعا أن يجمعا قرشين ولكنهما أدركا بحس وطني، تأخر قليلا، بأن البلاد تحتاج إلي الهدوء حتي في الجريمة، فالشرطة ـ هكذا يقول وزة ـ مشغولة مع الإخوان وفض مظاهراتهم لذلك لا يريد أن يرهق الشرطة بمتابعة تجار الحشيش الصغار، وقال لي وهو يضحك ضحكة الطفل إنه بحث عن عمل ووجد أخيرا وسوف يتزوج، أما حظ فبعد أن كان يعاتبني لأنني لا أملك سلاحا وأنه يستطيع أن "يخدمني" في حتة سلاح، قال إن السلاح جبان ومن يملك السلاح يستطيع أن يقتل ببساطة بسبب جبنه، وقال حظ إنه لا يترك فرضا وأنه ترك تلك التجارة المحرمة .
ووزة وحظ نموذجان صارخان لمن استفاد من الانفلات الأمني بعد ثورة يناير، تاجرا في الحشيش والسلاح، وجمعا ثروة حرام، طارت كالدخان، وبالرغم من أنهما ارتكبا فعلا يعاقب عليه القانون إلا أن حظ ووزة بمنتهي الحس الوطني البسيط غير المدفوع بأيدلوجيات سياسية وجدا أن بلدهما تحتاج إلي العمل، لا إلي أفعال محرمة، هذان الشخصان صحا ضميرهما من أجل مصر فمتي يصحو ضمير من يضخون الحشيش إلينا يوميا عبر الفضائيات.