رئيس التحرير
عصام كامل

"دمياط الجديدة تتحول لمستعمرة سورية".. السوريون يتمركزون بـ"الكفراوي والصعيدي" والأشد فقرا بـ"مبارك 60".. ينافسون المصريين في بيع "الحلوى".. وأصحاب العقارات يجبرون ساكنيها على تركها وتأجيرها للسوريين

فيتو



تحولت مدينة دمياط الجديدة إلى مستعمرة سورية متكاملة المعالم، حتى باتت شوارع المدينة قطعة من "حمص" بفضل البائعين السوريين المتواجدين ببضاعتهم على الأرصفة وفي المحال، يبيعون "الزيت والسكر والسجائر"، بل وامتد المشهد ليضم أطفالا سوريين يتسولون حول مساجد المدينة وعلى رأسها مسجد الأمناء بشارع الصعيدي، بينما يرفض عدد من الأطفال السوريين التسول ويبيعون "المناديل والحلوى المعلبة" سائلين الزبائن الشراء لإطعام أسرهم الفقيرة.


ويتمركز السوريون تحديدا في مساكن "الكفراوي والصعيدي والمجاورة الأولى"، نظرا لتميز تلك المناطق وقربها من موقف المواصلات، لكن الأسر شديدة الفقر تفضل السكن في مساكن "مبارك 60"، نظرا لقلة الإيجار الشهري للشقق في تلك المنطقة.

لا أحد يعرف تحديدا لماذا اختارت الأسر السورية والتي قارب عددها على أربعة آلاف أسرة، للإقامة بمدينة دمياط الجديدة، وهي من المدن الصناعية الجديدة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية، فالبعض يذهب كون وجود عدد من السوريين بالمدينة سهل انضمام الأسر، خاصة وأن هناك العديد من الطلاب المقيمين بالمدينة من دارسي جامعة الأزهر من جنسيات مختلفة، لكن المعاناة التي أصبح يعيشها أهالي المدينة أنفسهم كشفت عن الجانب الآخر من الغزو السوري للمدينة، بداية من ارتفاع أسعار الشقق والأراضي والمحال، حيث كان متوسط إيجار الشقة غير المفروشة 400 جنيه قبل أن يصبح 800 جنيه ويصبح متوسط إيجار الشقة المفروشة 1500 جنيه بعد أن كان 800 جنيه، وتشير بعض "الحكايات" إلى تهديد ملاك العمارات السكنية المصريين لإجبارهم على المغادرة وتأجير الشقق والمحال للسوريين الذين يدفعون أكثر ويخشون الفصال.

واشتعلت المنافسة بين أهالي المدينة والسوريين الوافدين الذين تمكنوا من غزو محال الحلويات واستأجروها، لتقديم الحلويات السورية للمواطنين، كما افتتح العديد منهم محال الفلافل الشامية لبيعها لأهالي المدينة على الرغم من شهرة مدينة دمياط الجديدة بأشهى أنواع الحلويات والفلافل لدى محال شهيرة وذات جودة عالية.

ففي دمياط الجديدة، يعيش أهل السنة والشيعة من السوريين في وفاق تام، تجمعهم القضية السورية والبحث عن حل للاستقرار، لكن إحساسا بالقلق ينتاب عددا من أهالي المدينة التي ينتشر بها السلفيون في معظم مساجدها.

وعلى الرغم من ذلك كله، فإن منظمات المجتمع المدني مثل جمعية رسالة وأهل الخير وخير دمياط تنظم مبادرات وحملات مستمرة لدعم السوريين بمدينة دمياط الجديدة، من خلال جمع التبرعات والبحث عن فرص عمل للشباب والسيدات فضلا عن حملة كساء الأسر السورية، حيث تم توزيع نحو 3 آلاف بطانية على الأسر السورية.

التقت "فيتو" عائلة من ريف دمشق هربت من الحرب في سوريا، ووصلت دمياط الجديدة عن طريق الجزائر، يقول محمود العشبي، رب الأسرة، إنهم هربوا من القصف العشوائي ومشاهد القتل الدامية هو ووالدته وزوجته وثلاثة من أبنائه، موضحًا أنه لا يقف مع الجيش الحر ولا يجد في نظام بشار النظام العادل، لكنه حزين على حال سوريا التي أصابها الوهن وقتلتها الصراعات.

وأضاف العشبي: "جئنا إلى دمياط الجديدة وبحثت عن مهنة أستطيع من خلالها الإنفاق على أسرتي ووفر لي بعض المقربين وظيفة في محل سوبر ماركت كمحاسب، ونعيش في شقة يسكن معنا 4 عائلات سوريات، تدفع كل عائلة 400 جنيه شهريًا، ودخلي يكفيني الآن، لكني أخشى من القادم، لهذا أتمنى الاستقرار لسوريا في أقرب وقت".

ويحكي ولده "هاشم"، أنه يذهب كل صباح إلى مدرسته الابتدائية ولديه أصدقاء من المصريين، كما أنه يحاول الحصول على فرصة للعب الكرة مع زملائه بنادي المستقبل بالمدينة.

ويوضح العشبي، أن قوات الأمن تحترم وجودهم بالمحافظة، كما أنهم حصلوا على تعليمات في حال تعرضهم للتوقيف من قبل الشرطة المصرية فعليهم الاتصال بمفوضية اللاجئين وذلك للحماية أو للمساعدات الاجتماعية.

ولا يقتصر الأمر فقط على مشاركة السوريين في الذهاب إلى المدارس المصرية بالمدينة أو مداومة الاستماع إلى خطب الجمعة بالمركز الإسلامي، ولكن السوريين أيضا يداومون التردد على مستشفى الأزهر لتلقي العلاج والأدوية اللازمة، كما يتواجد عدد من الأطباء السوريين الذين يعملون لدى أحد المراكز الطبية بالمدينة.

و كشف مصدر أمني بمديرية أمن دمياط، أن قسم شرطة مدينة دمياط الجديدة يعمل دائما على تسجيل بيانات الأسر السورية لحماية أفرادها ومعرفة أعدادهم التي تتزايد بصفة مستمرة بسبب قدوم الأسر السورية بشكل دائم، موضحًا أن السوريين لا يرغبون عادة في افتعال المشكلات نظرا لخوفهم الدائم من الترحيل، كما أنه لم يتم ضبط أحدهم في جريمة، لكن يحدث في بعض الأحيان وجود مشاحنات فيما بينهم ولا تتدخل قوات الشرطة إلا عند اللزوم.
الجريدة الرسمية