رئيس التحرير
عصام كامل

المحاكمة مرتين والعفو عن العقوبة


مبدأ عدم جواز محاكمة الشخص عن ذات الجرم مرتين، من المبادئ القضائية المتعارف عليها فى التشريعات الجنائية، حيث استقرت أحكام المحكمة الدستورية العليا على أن استيفاء العقوبة التى فرضها المشروع فى شأن الجريمة، ما يعنى أن القصاص على مرتكبها قد اكتمل فلا يجوز أن يلاحق جنائياً أكثر من مرة عن الجريمة ذاتها وإلا ظل قلقاً مضطرباً مهدداً من الدولة بنزواتها تمد إليها بأسها حين تريد ليغدو محاطاً بألوان من المعاناة، مهدراً لموارده فى غير مقتضى «متعثر الخطى» بل إن إدانته ولو كان برئياً تظل أكثر احتمالاً كلما كان الاتهام الجنائى متتابعاً عن الجريمة ذاتها.

كما أكدت كذلك المحكمة الدستورية العليا أن من بين الحقوق التى تعد وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية، ألا تكون العقوبة الجنائية التى توقعها الدولة بتشريعاتها متضمنة معاقبة الشخص مرتين عن فعل واحد، وهذا المبدأ يعد ضمانة دستورية مهمة فى مجال حماية الحقوق الأساسية للأفراد وهو ما يعرف باسم حجبة الحكم الجنائى أمام القضاء الجنائى، وقد اهتمت العديد من نصوص الاتفاقيات الدولية بايراده وأصبح من المبادئ المسلم بها فى القوانين الجنائية الداخلية والقانون الجنائى الدولى.
المادة ٤٥٤ من قانون الإجراءات تنص على أنه تنقض الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائى فيها بالبراءة أو الادانة، وإذا صدر حكم فى موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن فى هذا الحكم بالطرق المقررة وفقاً للقانون..
وقد أوردت العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مبدأ عدم جواز محاكمة الشخص عن ذات الجرم مرة أخرى، ومن ناحية أخرى فإن العفو عن العقوبة أو العفو الشامل هو تنازل الهيئة الاجتماعية عن كل أو بعض حقوقها المترتبة عن الجريمة لأسباب مختلفة منها الرغبة على إسدال الستار على جريمة أو جرائم معينة ويكون العفو شاملاً أو عن الجريمة وقد يكون العفو عن العقوبة فقط ويسمى بالعفو غير التام، وهذا الحق مقرر فى أغلب التشريعات لرئيس الدولة ويضم قانون العقوبات أحكام العفو عن العقوبة فنصت المادة ٧٤ منه على أن العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضى إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها مقررة قانوناً.. ولا تسقط العقوبات التبعية ولا الأحكام الجنائية الأخرى ما لم ينص فى أمر العفو على خلاف ذلك.
والعفو الشامل هو الذى يمحو عن الفعل وصف التجريم، وقد جرى نص المادة ٧٦ من قانون العقوبات على أن العفو الشامل يمنع أو يوقف السير فى إجراءات الدعوى أو يمحو حكم إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك.
ويلجأ عادة إلى العفو الشامل فى الظروف السياسية ومن الممكن أن يكون جماعياً ولكن لا يوجد ما يمنع إصداره عن جرائم غير سياسية.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية