«أرض الميعاد».. نداهة إسرائيل للأقباط.. قالوا: زيارة المقدسات «جائزة».. والهجرة إليها «محرمة»... ساويرس: إسرائيل نشأت بـ«وعد بلفور».. جريش: مسيحيو مصر لا يؤمنون
"في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقا، قائلا لنسلك: أعط هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات "(التكوين 15:18) وفي ضوء مزاعم إسرائيل بأنها أرض الموعد وأنهم شعب الله المختار وتشدقهم بعدد من الآيات الكتابية وتفسيرها كما يحلو لهم.
وعلى غرار تلك المزاعم استخدموا عددا من الشخصيات لبث أفكار تهدف للنيل من الدولة المصرية بشكل أو بآخر، منهم المهاجر إلى أمريكا "موريس صادق"، رئيس الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية، والمعروف بأفكاره المخالفة للكنيسة القبطية، ومنها إنشاؤه لما يسمى بـ"الدولة القبطية" بقصد تفتيت وحدة النسيج الواحد في مصر، بعد صدور حكم ضده في قضية الفيلم المسيء للرسول "صلى الله عليه وسلم" إلى جانب إسقاط الجنسية المصرية عنه، فقد خرج موريس منذ فترة، عبر إحدى القنوات التي تبث من الخارج، قائلا إنه تواصل مع عزمي بشارة، عضو الكنيست الإسرائيلي، لتوفير مستوطنات لأقباط مصر من مريدي الهجرة، نظرًا لاضطهادهم، حسب زعمه.
وفي ذات الوقت أعلن موقع التليفزيون الإسرائيلي بالعربية: "إن السلطات الإسرائيلية أعلنت منحها حق الهجرة لعشرات الأسر القبطية، التي وصلت إلى تل أبيب قادمة من مصر"، وكان هذا الإعلان بمثابة تأكيد لمخطط استقطاب الأقباط، بشكل أو بآخر.
الكنائس المصرية الثلاث تستنكر تلك التصرفات.
وأكدت أن المسيحيين المصريين لن يفرطوا في بلادهم أو يهاجروا منها مهما كانت الظروف، ويقول القمص صليب متى ساويرس، عضو المجلس الملى، رئيس جمعية السلام: إن الوعد الذي كان لإسرائيل من قبل بأنهم شعب الله المختار جاء لأنهم الوحيدون وقتها الذين كانوا يتعبدون لله، أما بعد انتشار الإيمان في العالم، وبين الشعوب، بات الجميع شعب الله المختار، كما أن الوعد لإسرائيل بأنها أرض الموعد انتفى قبل مجيء المسيح لأنهم لم يلتزموا بالوعد أمام الله بأن يتعبدوا له، إلا أنهم تعبدوا لغيره.
وأرض إسرائيل الحالية لم تهب لهم بوعد من الله، بل جاءت بوعد من "بلفور"، وزير الخارجية البريطاني في مطلع القرن العشرين، الذي وجه خطابا باسم الحكومة البريطانية، يتعهد فيه بإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، واشتهر التصريح باسم "وعد بلفور"، والشعب المصري بشكل عام يعشق الهوية المصرية، وأن المسيحيين الذين شاركوا في استرداد وطنهم من المحتل اليهودي لن يتركوها ليرتموا في أحضان محتليهم.
الأب رفيق جريش، المتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكية، يهدم مزاعم اليهود بأن أرض فلسطين هي أرض الموعد، بقوله إن أرض الموعد هي مصر، وإن المصريين لن يتركوا بلادهم حتى في أحلك الظروف والمحن، لأن المهاجرين من مصر هم رجال الأعمال ومن لديهم القدرة المالية فقط، والكنيسة لا تشجع أبناءها على الهجرة بوجه عام، وترفض الهجرة لإسرائيل على وجه الخصوص، وناشد المهاجرين للخارج بالعودة إلى بلادهم لرد جميل الوطن والمساهمة في رفع شأن اقتصاده.
الدكتور القس إكرام لمعي، رئيس المجمع الأعلى للكنيسة الإنجيلية، يؤكد أن هناك طوائف مثل "الأدفنتست" تعتقد أن إسرائيل هي أرض الموعد، وأن المسيح سيعود ويحكم ألف عام، وهذا أمر مرفوض لاهوتيا، لأن كل من يأتي لمصر يتمسك بها، والهجرة إلى إسرائيل مرفوضة تمامًا، والمسيحيون المصريون وطنيون ويتمسكون ببلادهم، ولا يؤمنون بأنها أرض الموعد، لأن وعد الله إلى إبراهيم تحقق منذ القدم، وليس هناك ميراث أرضي لهم، وهناك أسر مصرية (مسيحيين ومسلمين) سافروا منذ فترة إلى إسرائيل، عن طريق اليونان وباريس وغيرهما، ولم يتمكنوا من العودة لبلادهم مرة أخرى.
إسحق حنا، المفكر القبطي، الأمين العام للجمعية المصرية للتنوير، يصف "موريس صادق" بأنه مختل نفسيا، وأن إسرائيل تستخدمه هو وأي شخص آخر يعمل لصالحها، كما أن إسرائيل تتبنى فكر الأكاذيب، وتدعي أنها ستملك من النيل للفرات، وأنها أرض الموعد، رغم أن العهود التي جاءت بالعهد القديم "التوراة " انتهت بمجيء المسيح، وأن شعب الله المختار بات هو كل من يؤمن بالله وليس حكرًا على اليهود فحسب.
الباحث القبطي سليمان شفيق يؤكد أن المسيحيين لن يهاجروا لإسرائيل لعدم استقرارها، فمن يستجير من الرمضاء بالنار؟! ولهذا لن يستجيب المسيحيون لدعوات الهجرة، لأن دولة إسرائيل معادية لمصر، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة بها، فهل تتحمل المهاجرين المصريين، العدو الأول لهم؟! والمسيحيون يستطيعون السفر إلى أي بلد من بلاد العالم، ثم يعودون لحضن وطنهم، أما من يسافر لإسرائيل فهو ذهاب بلا إياب.
وموقف الكنيسة المصرية واضح بهذا الشأن، فكتابات البابا شنودة الثالث، ورهبان دير "أبو مقار"، والتقاليد القبطية العريقة، جميعها لا تعترف بدولة إسرائيل، كونها محتلة، وتطول يد احتلالها دير السلطان أحد أبرز الأماكن الدينية، أما دعوات موريس صادق، فلا يوجد عاقل يستمع إلى مجنون، لأن عددا من المسيحيين يذهبون لزيارة مقدساتهم ويعودون، أما الهجرة لإسرائيل فلن تحدث.