الحد الأدنى بأرقام مصروف البيت
حينما تظل حكومة المُنَظر حازم الببلاوى فخورة بإنجاز حد أدنى "شامل" للأجر عند مبلغ 1200 جنيه دون آليات واضحة ومعلنة لتوفير موارده أو رفع حد خط الفقر المصرى لأعلى من 257.5 جنيها للفرد شهرياً، وربطه بمعدل التضخم السنوى الذى تجاوز أحياناً نسبة 20% خلال السنوات الماضية، علينا أن نتحرك لشرح الأمر بالأرقام لها، من واقع معيشة أسرة عادية تحيا داخل منطقة عشوائية وأدنى من شعبية، لديها طفلان وأم تدبر قدر استطاعتها وأب يضطر للعمل ورديتين لأجل توفير لقمة العيش لهم، ربما نجد فى شلة الببلاوى "من يعقلها".
الأب يدفع 500 جنيه إيجارا لشقة مساحتها 70 متراً، تكاليف مرافقها من مياه وكهرباء وصيانة إنارة وتليفون ثابت وآخر محمول لأجل "الميزد كول" = 120 جنيها، ضع عليها تكلفة انتقال عائل الأسرة إلى عمله يومياً، يركب المترو ثم 2 ميكروباص ويعود نهاية اليوم بذات الطريقة التى تكلفه 6 جنيهات ذهابا ومثلها للإياب أى ما يساوى 360 جنيها، أضف علبة سجائر محلية تعيش معه بعد العزومات والمنظرة 48 ساعة بـ 6 جنيهات = 90 جنيها، ثم ضع عليها تكلفة لقيمات تقمن صلبه أثناء النهار، واحد فول وواحد طعمية على عربية فى الشارع بـ3 جنيهات بما يساوى 90 جنيها شهرياً، اضربها فى 2 لأجل استمراره بعيداً عن بيته ليعمل وردية جديدة فى أى عمل يضيف إليه أجراً مماثلاً لما وضعه له الببلاوى وحكومته 1200 جنيه أخرى، تكون تكلفة شراء 2 فول و2 طعمية = 180 جنيها شهرياً، أضف إليها تكلفة احتمالية "فتح نفسه" على كوب عصير أو زجاجة مياة غازية مرة كل 48 ساعة = 30 جنيها شهرياً.
نرجع للبيت، الأم ربة منزل تحصل من صافى "دخل" وليس "أجر" الزوج على 1210 جنيهات من أصل 2400 يتقاضى نصفها من عمله الثابت صباحاً والنصف الآخر من عمله المسائى، دون خصم تكلفة اجتماعية لآثار غيابه عن المنزل وحرمان أسرته من وجوده وتراجع قدرته على رقابة سلوك أطفاله، هذا الصافى بعد تكلفة خروجه وحده من البيت إلى عمله، لا هو أنفق مليماً إضافياً على ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم أو القولون الذى تضخم من كثرة أكل الفول الذى سبب له نوعاً من "نقرس الغلابة"، أو اشترى قميصاً جديداً أو أصلح أو اشترى أى حذاء جديد أو حاك أى قطع به.
الأم تنزل إلى السوق لشراء كيلو واحد من الخضار يومياً من نوع واحد يختلف طوال الشهر، وفين وفين لما تفكر فى كرنبة لأن الوليمة أكبر والعمدة سيسهر معها الليلة، وباحتساب أضعف متوسط لكيلو أى خضار بمبلغ 7 جنيهات = 210 جنيهات شهرياً، معها 4 جنيهات للأرز = 120 جنيها شهرياً، أضف إليها جنيها واحداً لشراء 20 رغيفاً مدعماً دون احتساب تداعيات مخاطر إطعامه لهم = 30 جنيهاً، بجانب 2 جنيه فول وطعمية للإفطار اليومى= 60 جنيها، ومفيش فينو.
ثم شراء أنبوبة واحدة لطهى الطعام لا تكفى بالأساس حتى نهاية الشهر = 50 جنيهاً، أضف إليها تطرف هذه السيدة وشرائها 2 كرتونة بيض للطفلين ليحصل كل منهما على واحدة يومياً = 50 جنيها شهرياً، ومعها نصف كيلو لبن "سايب" للعيل الصغير لأن البقال لا يبيع ربع كيلو، فى 3 جنيهات = 90 جنيهاً شهرياً، أحيانا تضطر لاستخدام ليمون وخضار للمحشى مع حزمتين جرجير فى الطعام بتكلفة شهرية قووول 20 جنيها، ضع معها 4 جنيهات ثمن كيلو طماطم كل يومين مثلاً = 60 جنيها، ومعها شوية دلع للعيال كيلو بطاطس بـ7 جنيهات كل 4 أيام = 50 جنيها، مرتان للبروتين الفاخر كل أسبوع واحدة للسمك وأخرى للدجاج أو اللحم البرازيلى بتكلفة 40 جنيها للمرة= 230 جنيهاً شهرياً.
الواد الصغير فى حضانة بـ80 جنيها والكبير فى مدرسة عامة لكنه يحصل على مجموعات تقوية إجبارية بـ200 جنيه مع دروس فى الفصول اللى فوق المسجد المجاور للبيت فى المساء = 100 جنيه، مع 50 قرشاً يومية لكل منهما لشراء مصاصة أو باكو بسكويت دلع زيادة = 30 جنيها شهرياً، العيل الصغير وحده اللى من حقه يمرض مرة واحدة على الأكثر شهرياً، زيارته للطبيب= 50 جنيها، فاتورة أدوية لا تشفى 100 جنيه تليها أخرى تثبت أقدامه بـ200 جنيه، لزوم شغل الطبيب مع شركات الأدوية، مع إن الكشف فى مستشفى أهلى تعبان فى نفس الجامع المجاور لسكنه، يعنى المجموع 1730 جنيها لمعيشة أسرة تأكل وجبتين عاديتين، وست البيت أخذت من زوجها 1210 جنيهات، وهو دخله 2400 جنيه وعلشان يتحصل عليهم أنفق منهم 1190 جنيها..!!
لن نحتاج إلى إضافة ثمن الكتب فقد أعفاه الببلاوى كرم الله وجهه من سدادها، مع أن تكلفتها تضاعفت وضاعت على زينة الفصل والطباشير الطبى للأستاذ وعيد ميلاد الأبلة التى تكرر طلبها للهدية فى عيد الأم وعيد الطفولة أيضاً.
ولن نحتاج إلى إضافة تكاليف احتمالية إعياء الأم أو الطفل الابن الأكبر، ولا شراء ملابس العيد والمدارس مع الشنط والأحذية ولا صيانة أى شيء بالمنزل ولا بلطجة أى موظف "فاتح درجه" أثناء قضاء أى منفعة للأسرة لدى مصلحة حكومية، ولا احتمالية فقدان الأب "ماهية الشهر" فى واقعة نشل أو سرقة بالإكراه أثناء عودته ليلاً من العمل الإضافى فى ظل غياب الأمن عن الشارع، وربما فقدانه هو شخصياً، فكلها تكلفة من المحتمل أن يسددها عائد 5 قراريط زراعة ورثها الأب عن والده ويستأجرها فلاح منه بالزرعة سنوياً.
شكراً يا جدو حازم "المكلف" أو "المؤسس" على الـ1200 ملطوش بتوع حكومتك أجر شامل للغلبان، مع عدم إلزام القطاع الخاص به، وملعون أبو الفقر اللى حل على المحظوظين بسقف الـ42 ألف حد أقصى، ده كلامهم طبعاً، وشكراً على "النصب" التذكارى وعودة فك بلاط أرصفة الطرق، ولا تسأل مجدداً عن الثورة والفساد والمحسوبية والرشوة.. وأم وأبو العيال.