تهذيب التهذيب
كان الإمام على المنبر منفعلا وهو يعظنا بضرورة ألا ننظر إلى ما حرم الله ، وكان لابد أن يسوق مثالا فحكى أن أحد الصالحين رأى امرأة جميلة القد والعينين وكانت منتقبة فسار وراءها حتى وصل إلى بيتها ثم طرق الباب فخرجت عليه سيدة وقال لقد رأيت ساكنة الدار وهى جميلة العينين وأريد الزواج منها فدخلت السيدة إلى صاحبة العيون الجميلة وعادت بعد قليل تسحب تلك الجميلة وقد فقأت عينيها ووضعتهما على طبق وقالت للرجل الصالح، هذا ما فتنك فخذه، الغريب أن الناس فى المسجد لم يعملوا العقل فى رواية الإمام الغريبة جدا فلماذا فقأت تلك المرأة عينيها؟! كيف هانت عليها نفسها وكيف تركتها تلك السيدة التى تقيم معها والتى غالبا هى خادمة لها تفقأ عينيها، المشكلة أن تلك الروايات المنافية للعقل موجودة فى بعض كتب السيرة وللأسف غير المحققة والتى يعتمد عليها عدد من أئمة المساجد الذين لم يتخرجوا في الأزهر ولم يدرسوا أسس الدعوة والدين بشكل صحيح ليحكوا لهؤلاء المصلين البسطاء هذه الحكايات الغريبة .
نفس تلك الحكايات بدأت تطل علينا مرة أخرى فى رواية سجن محمد مرسى، والتى تقول الرواية إنهم قاموا بإدخال أسد عليه، ولكن الأسد حرس مرسى من سجانيه وكان مع مرسى تمر ولبن فأعطى الأسد فأكل ونام الاثنان حتى الصباح، أما سجانوه فقد ذهلوا مما فعله الأسد، وبعضهم نطق الشهادة ودخل الإسلام، بالطبع الجملة الأخيرة تهكمية على راوى هذه الأسطورة الغبية ، فقد استنبطها من واقعة سجن بن حنبل، ونسى أن يغير طعام مرسى فابن حنبل كان فعلا معه التمر واللبن ولكن سجوننا المصرية ليس بها إلا الجراية وبقيا طعام، كما أن مسألة الأسود أصبحت موضة قديمة فسلاح الكلاب أمضى وأمر، ويكفى أن يوضع كلب واحد فى ميدان حتى يفضه عن آخره .
المسألة أن السادة الإخوان يتخيلون أنفسهم أنهم ما زالوا فى القرن الأول الهجرى ويتعاملون مع كفار قريش، بل ويتخيلون الأفظع وهو أن مرسى رسول، والغريب أنهم وصلوا إلى درجة من الفتاوى والاعتقاد لدى البعض منهم تصل إلى حد الكفر، خلافنا السياسى هو خلاف فى وجهات نظر، ثورة أم انقلاب، شرعية أم لا ... إلخ، ولكن أن يصل الأمر إلى حد التبجح والافتراء على الدين، فهذا أمر لا يمكن السكوت عليه، لم نلق بالا إلى ما قاله صبحى صالح " اللهم أمتنى على الإخوان " ، لنكتشف اليوم أنهم بالفعل لا يريدون الإسلام ولا يريدون مصر بل يريدون مشروعا مع التنظيم الدولى للإخوان ودول علمانية مثل تركية وأمريكا تريد أن تدمر الإسلام ، ويعود حلم الدولة العثمانية مرة أخرى وأيضا أن تصل أمريكا إلى قلب العالم إلى مصر .
إن الخروج من هذه الأزمة لابد أن يبدأ من منابر المساجد بتهذيب الأئمة ومصادرهم، ثم ثقافة تعطى للجميع بشتى الأساليب ولو جبرا، فمشكلة الثورة أنها قامت بدون أساس ثقافى يستطيع أن يرشد قاطرة الثورة .