رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام السفاسف..!!


• المؤشرات المبدئية للدستور الجديد تشير إلى أن الفرصة مواتية لبناء منظومة إعلامية أكثر حرية ومهنية بما يتسق وروح ومطالب ثورتي يناير ويونيو اللتين طالبتا بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فهل يمكن لشعب أن يحقق شيئا من هذا وهو معصوب العينين، مغيب عن الواقع، مشوش العقل والرؤية، مختل الوجدان بفعل إعلام مضلل عشوائي بلا معايير ولا ضوابط ولا التزام بأخلاق المهنة؟


• أتصور أن الحرية مفتاح أي إبداع أو تقدم، وفي قلب الحريات حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام، وإذا نظرنا لتجارب دول عريقة ديمقراطيا سنجد أن عماد نهضتها: تعليم هادف، وإعلام حر، وقضاء مستقل، وديمقراطية رشيدة تستند إلى ركائز عديدة، أدناها صناديق الانتخابات، وأعلاها تمكين الشعب من حقه في الرقابة والمحاسبة وامتلاك الوعي والإرادة والقدرة على الفرز والنقد والمفاضلة والاختيار الرشيد!!

• وإذا دققنا النظر في إعلام الدول المتقدمة أيضا فسنجد إعلامًا يمارس مهامه بحرفية ومسئولية وضوابط مقننة لا يحيد عنها فيما يخص قضايا الداخل، وهو ما يوفر بيئة خصبة لصناعة الأهداف القومية الناجحة، إعلاما يحرص على الإبداع، ويعالج أسباب التخلف، ويجيد ترتيب الأولويات، ويناصر القضايا الكبرى للوطن وينحاز لمصالحه العليا، ويبتعد عن سفاسف الأمور وتوافهها..!!

فمثلًا ماذا يفيد المواطن والوطن من نشر ماذا أكل مرسي.. ومن الذي زاره.. وكيف.. وكيف..؟

وإذا دققنا النظر بالقدر ذاته في أسبابه تعثرنا بعد ثورتي يناير ويونيو فسوف تشير أصابع الاتهام إلى ممارسات إعلامنا – صحفًا وفضائيات- كجزء من منظومة التخلف والإفساد، حيث تراجعت الرسالة النبيلة للمهنة لدى كثير من وسائل إعلامنا، وتقدمت المصالح الضيقة على حساب المصالح العليا للوطن، وبدلا من أن يكون الإعلام نبراسا للتنوير، حافزًا لهمة الجماهير، وموقظا لوعيها صار سلعة تباع بالمال أو خدمة مدفوعة الأجر، وهو ما يطرح سؤالًا لا مناص عنه: هل نحن مستعدون لتغيير مسار الصحافة والإعلام في اللحظة الراهنة؟ وهل نملك مقومات العبور لمنظومة جديدة تستلهم التجارب الناجحة حولنا؟ وهل حان الوقت لهذا الانتقال؟
أتصور أن الساحة باتت مهيأة لمثل هذا التغيير لأسباب كثيرة، وهذا موضوع آخر.
الجريدة الرسمية