رئيس التحرير
عصام كامل

أى إعلام هذا..؟


إذا كنا بصدد الانتهاء من صياغة دستور جديد، يتفق أغلب أعضاء لجنة الخمسين المكلفة بإعداده على ضرورة تحرير الإعلام وإصلاحه جذريا بتشريعات تضمن له حرية الحركة والتغيير وتذليل ما يعترضه من عقبات وقيود.

ولست أظن أن الحكومة يمكنها أن تتراخى أو تتقاعس عن علاج منظومة الإعلام، وتقديم ما يلزم من دعم لإنجاح جهود إنقاذها ووضعها على طريق الإصلاح..

وإزاء لحظة فارقة كهذه، يصبح لزامًا على المجلس الأعلى للصحافة إكمالًا لخارطة المستقبل المعلنة في ٣ يوليو، أن يسارع بوضع ميثاق شرف إعلامي يجسد القيم الأخلاقية الواجبة للتناول الإعلامي والحاكمة للأداء الصحفى، يستوى في ذلك الإعلام المكتوب أو المرئي والمسموع أو الإلكتروني القومي أو الخاص حتي يبرح الإعلاميون منطقة شائكة زلت فيها أقدام وتعثرت فيها أقدام.. بقصد أو بغير قصد.

لكن مجلس الصحافة الأعلي «تاه» ولم يفعل وانشغل في مشاكل المؤسسات الصحفية القومية.. فلا هو قام بعمل التغييرات الصحفية المطلوبة في رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير.. ولا هو نهض بهذه المؤسسات ماليا وإداريا وتحريريا وتركها غارقة في مشاكلها المزمنة والتي تفاقمت بشكل صارخ في عهد حكم الإخوان -والله وحده- يعلم كيف ستخرج منها!

لا أدري لماذا تأخر مجلس الصحافة في وضع هذا الميثاق في الوقت الذي زاد فيه الانحراف والانفلات الإعلامي وخرج على كل القيم والمبادئ والأعراف والحدود..

بالأمس، نشرت إحدي الصحف الكبري موضوعا على ستة أعمدة في الصفحة الأولي تحت عنوان «مقايضة على مصر في لجنة الخمسين»، وأشارت إلى وجود صفقة بين عمرو موسي وعاشور للإبقاء على الشورى مقابل حصانة المحامين.. يا سلام على صحافتنا!

صحيح أن الموضوع تم تكذيبه من قبل عمرو وعاشور.. ولكن السؤال لماذا النشر بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت بالذات دون وجود أدلة تؤكد صحة ما جاء بالموضوع؟!

ألا يؤثر نشر مثل تلك الأخبار على مصداقية لجنة الخمسين.. ويخدم في الوقت نفسه جماعة الإخوان التي تنشر الأكاذيب وتحارب لجنة الدستور وتبذل كل المحاولات لإفشال خارطة الطريق.. كيف نطالب الناس بالتصويت بنعم على الدستور الجديد وهناك من يشكك فيه وبرئيس وأعضاء لجنة الخمسين! أي صحافة كهذه.. وتحت أي مسمي توجد؟!

نحن في حاجة ماسة إلى إصدار هذا الميثاق أكثر من أي وقت مضي، نرتضي ونلتزم ونحتكم به جميعا..
ميثاق يلزم أصحاب المهنة بالقيم الأخلاقية الواجبة والمعايير المهنية المعتبرة في تناولهم الإعلامي للقضايا والوقائع والأحداث والأخبار، وتحري الدقة والموضوعية وتجنب الانحياز والخلط والتشويه والابتزاز والتحريض والكذب والشائعات والتجرد من الهوي والغرض، ومنع اغتيال سمعة الأبرياء، وعرض الآراء كافة والحقائق المجردة دون لي أعناقها، حفاظا على المصالح العليا للوطن، وإحداث تقييم ذاتي ومراجعة مستمرة تحمي المجتمع من آفات وسقطات بعض الإعلاميين، وتكرس لحرية مسئولة ومنضبطة، ذلك أن الحرية هي بالأساس شعور بالمسئولية، وليست ممارسة منفلتة بلا ضوابط!!

فحرية الرأي تنتهي حين تجرح الآخر.. أو تضر وتعصف به.. فالحرية قبل كل شىء مسئولية وأمانة وأخلاق.. الدستور وحده لا يكفي لإصلاح منظومة الإعلام والصحافة.. أو يحقق إعلاما حرا. ونستكمل غدًا.
الجريدة الرسمية