رئيس التحرير
عصام كامل

الجماعة الإسلامية.. للتناقض أصول


التناقض في اللغة أن يكون لك قول ورأي تقتنع به وتدافع عنه ثم فجأة تغيره بما كنت ضده، وهو القول بوجود شيء وعدم وجوده في وقت وبمعنى واحد، ولأنه لا تجتمع صفتان متناقضتان في الشيء فالقائل باجتماعهما حتما كاذب، والتناقض قريب من الازدواجية وهو يحدث مع القول والرأي والسلوك.

ولا أريد القول إن "الجماعة الإسلامية" تتناقض مع نفسها وتناقض تابعيها في كل ما تقول بشأن تحالفها السياسي لا الديني مع "تنظيم الإخوان" وتدفع بقيادييها إلي الظهور بالنقيضين معا بين يوم وليلة، كان أولهما قبل يومين في تأكيد الجماعة أن "الإخوان" أخطأوا وخرجت مسيراتها علي السلمية ولا بديل عن وقف المظاهرات والابتعاد عن "الفوضي وسفك الدماء"، وثانيهما أمس على لسان أسامة حافظ نائب رئيس مجلس شورى الجماعة بأنه تقرر بـ"الإجماع" المشاركة فى جميع الفعاليات "السلمية" الرافضة لعزل محمد مرسى.

وما ظهرت عليه "الجماعة الإسلامية" يراه الأطباء مرضا يصعب تشخيصه وعلاجه لافتقاد المريض لخطورة ما عليه من أعراض، ويراه خبراء السلوك خروجا علي النمط المألوف، وقد يجد السياسيون له تفسيرا بوجود انقسامات وانشقاقات حادة بين مؤيدي الجماعة وقادتها، والأخطر أن من يعرفون قليلا عن هذه "الجماعة" يدركون أنها تتخلي عن مرجعيتها الدينية من أجل الكنز الإستراتيجي للتحرك السياسي، وكأنها كانت من أعراض التناقض الذي يقبله المنطق في السياسة ويرفضه في الدين، وهي ورقة التوت التي يغطي بها المتاجرون بالدين عورتهم السياسية.

فالجماعة الإسلامية قبل أن تقترف السياسة وتتذوق أوراق تناقضاتها بوسواس إخواني رجيم كانت لها قناعات أكدتها مراجعاتها الفكرية ومنها التوافق علي استيعاب ما سبقها من تجارب، والانضباط بالشرع الحنيف وبقبولها لجهاد التناقض الإخواني تقبل السير إلى الوراء، متباعدة عن دروس الاستيعاب وقواعد الانضباط، وهذا يحتم علي "الجماعة" طريقين لا ثالث لهما أولهما الانسحاب الكامل من المشهد، وثانيهما أن يطفقوا يخصفون علي سوءاتهم السياسية من ورق الإخوان الملوث بالدماء والشيطنة وهو الطريق الذي لن يعيدهم إلي جنة لا يشقون ولا يجوعون ولا يتعرون فيها ولن ينقذهم من سوءاتهم ولا كبائر شيطانهم السياسي الرجيم الذي يجاهد من أجل سلطة القصر وطاعة المرشد لا من أجل الفرار إلي الله ولا العصمة من أمره.

وأري أن الجماعة الإسلامية لا تأتي ببدعة؛ فتيارات الإسلام السياسي معروفة بتناقضاتها منذ حسن البنا وانتهاء بالمرسي المنتظر، وتتباين مواقفها المعلنة عن اتفاقياتها بالباطن، ويشهد التاريخ بهذا التناقض وبما تضع له "الجماعة" من أصول بداية بفتاوي القتل والاغتيال الأولي ونهاية بالموقف من البرادعي الذي هو نموذج للكافر والمؤمن، ومحارب الإسلام ونصيره، وهادم المبادئ وبانيها.

باختصار، من كان يعبد جماعات الإسلام السياسي فإنها تنتحر بتناقضاتها وأن محاولات غسل أيديها وذمتها من سوءات الاتجار السياسي بالدين لا قبول له بتوبة أو كفارة إلا سد "الذرائع" الذي يجنبها "محظور" الإخوان مهما كانت طرقه "المباحة".



الجريدة الرسمية