رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا فعل بهذه الحرية.. !


لا شك أن منظومة الإعلام عندنا تحتاج لتغيير جذري وإصلاح «كلي»، كالتعليم والصحة والبحث العلمي وكل مناحي الحياة التي طالها الإفساد والإهال والعطب.. وإذا كانت الصحافة – كما تعلمنا مبادئها – تختصر في كلمتين «أفكار وأخبار»، والرأي حق مقدس لصاحبه، والمعلومات حقائق مجردة لا مبالغة فيها ولا توجيه.. فإن حال إعلامنا يبدو نقيضًا لذلك ويشوبه عوار ومثالب عظيمة، ولا معنى للقول أنه يشهد حرية غير مسبوقة.. فماذا فعل بهذه الحرية.. وهل استثمرها على الوجه الأكمل ؟


لا ننكر أن بعض إعلامنا أسهم بدور فعال في إشعال ثورتي يناير ويونيو.. لكنه للأسف لم يتجاوز هذه الدائرة، دائرة الهدم والثورة إلى البناء والتقدم وخوض معارك التنمية وبناء إنسان المستقبل.. ولا الحكومة سارعت بحل مشاكله، وإنقاذ الصحف القومية حتى تؤدي دورها على نحو أفضل في الحفاظ على الوعي والتنوير والتوازن في الرأي العام.. ولا عادت هذه المؤسسات قادرة بذاتها على تجاوز أزماتها وما ورثته من أخطاء الأنظمة السابقة.. ولا التزمت كثير من الصحف والفضائيات الخاصة بالمهنية الواجبة، ولا عالجت مشكلات مستعصية يئن منها المواطن وتستنزف موارد الوطن.. ولا مارست دورها المرسوم كما تفعل نظيرتاه في العالم المتقدم بحسبانها «سلطة شعبية» قائمة بذاتها، تحرس قيم المجتمع وحقوقه وتراقب أداء السلطة التنفيذية ومؤساساتها، وتكشف عن قصورها وسلبياتها، وتشيد بإيجابياتها وإنجازتها بميزان عدل، ثم يتولى القضاء النزيه النظر في خروقاتها وتوقيع الجزاء المناسب في حق المتجاوزين في أبنائها ليس بالحبس والمصادرة ولكن بالغرامات المناسبة كما هو الحال في الديمقراطيات الحديثة التي تطبق مبدأ مهمًا وهو "أن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة ".. !! وهو ما أدركه أعضاء لجنة الخمسين لوضع دستور مصر الجديد، والسؤال متى ينصلح حال إعلامنا ويتحلى بالموضوعية والصدق ومتطلبات الرسالة السامية.. ؟

والسؤال ثانيًا.. متى يتوقف إعلامنا عن نشر نشاطات.. وشائعات وأكاذيب جماعة الإخوان اليومية لبث السموم والفتنة.. ؟
إعلامنا – للأسف – يقدم للإخوان أكبر دعاية مجانية ينشر تحركاتهم وتظاهراتهم واستفزازاتهم للشعب المصرى وهو ما يسعون له لإثبات وجوده أمام العالم.. وفي الوقت نفسه التأكيد على عدم الاستقرار في مصر.. إنه أكبر خطأ يرتكبه الإعلام في حق الوطن والمصريين وهذا موضوع آخر.
الجريدة الرسمية