"الألتراس" مش موجودين فى الكتاب يا سعيد
كان هذا رد الفعل الضاحك لصديق العمر الصحفى الكبير ناصر عراق، والكتاب الذى يقصده هو الماركسية التى كنا نذاكرها ونحن صغار، بحثا عن العدل والحرية، والحقيقة أنهم أيضا غير موجودين فى أى كتب سياسية أو فلسفية تفسر حركة المجتمعات فى عصرنا الحديث.
"الألتراس المصريون" ليسوا من نسق أو من طبقة اجتماعية واحدة حتى نفهمهم، ففيهم الغنى والفقير والمتعلم والذى لم ينل حظه منه، ومنهم ساكن الأحياء التى نسميها راقية، ومنهم ساكنو العشوائيات، فيهم من يسكن الريف ومن يسكن المدينة، إنهم خليط من كل الطبقات وكل الثقافات، كل هؤلاء يجمعهم فقط لا غير الانتماء إلى ناد رياضى، ويجمعهم الاستمتاع بمبارياته والغناء لانتصاراته والبكاء لهزائمه.
هم أيضا من خارج كل التيارات السياسية، سرية وعلنية، أحزاب وجماعات، ومن ثم فمن الصعب عليك وعلىّ أن نتوقع حركتهم، ولا نتوقع ردود أفعالهم، ولا يمكننا أيضا أن نعرف أين كانوا قبل الثورة ولا نعرف ولو على وجه التقريب، ماذا سوف يفعلون تجاه أى حدث.
كما أننى وأظنك مثلى، لا نعرف من أين جاؤوا بهذه القدرة الهائلة على التنظيم والتخطيط والابتكار، فتشعر أنهم أقوى من التنظيم السرى للإخوان الذى يفاخر بقدراته ويعترف بها خصومه، فأين تعلموا كل ذلك، ومن أين ينفقون على ما يفعلونه؟.
الألتراس عصى على الانطواء تحت أى تيار، صحيح أننى سمعت أن ألتراس الزمالك اخترقه الإخوان وحازمون، ولكن يمكن أن تنسب ذلك إلى أن النادى نفسه مرتبك وغير قادر على النجاح، هذا إذا كانت المعلومة صحيحة.
ربما يكون تفسير صديقتى الكاتبة والروائية المعروفة سحر الموجى صحيحا، فهم أبسط من كل ذلك إنهم باحثون عن البهجة، وهى مشاهدة مباريات كرة القدم، ومن يعرقل ذلك يصبح عدوا لهم، يأتى فى المقدمة قبل وبعد الثورة وزارة الداخلية، فلهم معها ثأر، وانضم إليهم المجلس العسكرى ومن بعده التنظيم السرى للإخوان الذى يحكم البلد.
إنهم يريدون القصاص لرفاقهم الذين سالت دماؤهم فى بورسعيد، وأحمد محمود ومجلس الوزراء وغيره وغيره.
لكن فى كل الأحوال، فهم خارج كل السياقات، والذين صنعوا ثورة يناير وقادوها، كانوا من خارج كل السياقات التى ترهلت وشاخت، إنهم النزق، أو الشطط مثلهم مثل الثوار، ودائما يسبقونك بخطوات للأمام.. قد لا يعجبوننى أحيانا أو لا يعجبونك، ولكنى أشعر بطريقة ما أنهم ضمير هذا البلد، الضمير الذى أظن أن الإخوان وحلفاءهم لن يهزموه أبدا.