رئيس التحرير
عصام كامل

شعب الإخوان


تردد كثيرا قيادات التنظيم السري للإخوان ومعهم قيادات السلفيين، وأحباء الاثنين مقولة "فلنحتكم للشعب" إذا اختلفت القوى السياسية.



 فهل صحيح أنه إذا حصل الدستور على أغلبية فهل هذا يعني موافقة
الشعب عليه، وهل يعني ذلك أن الدستور صحيح؟  

بالطبع لا، لأنه من المستحيل أن يوافق شعب بنسبة مائة في المائة على أي شيء، هذا أولاً وثانياً الديمقراطية لا تعني أبداً انتصار الأرقام العددية، بمعنى أن من يكون لديه عدد أكبر من الأصوات يفعل ما يشاء في البلد، دستور على مزاجه ويعيد بناء المؤسسات كما يشاء.

الحقيقة أن هذا منطق البلطجية، بمعنى أن القوة هي التي تحكمه وليس الحقوق، والفارق ضخم وهذا ما لا يريد التنظيم السري للإخوان وحلفائهم وأحبائهم الاعتراف به، فالأغلبية ليست على صواب مطلق، فقد تعلمت البشرية أن الديمقراطية ليست فقط مفهوما عدديا، ولكن لابد أن يضاف عليها شروط أخرى قاسية تحد من استبداد الأغلبية، فهتلر الزعيم النازي العنصري جاء إلى الحكم بالأغلبية وإذا زرت الآن مبني البرلمان الألماني فسوف تجد في مدخله نصب تذكاري يوجع القلب لأعضاء البرلمان الذين قتلهم هتلر، ليس هذا فقط ولكن هتلر الذي جاء بالانتخابات لم يترك الحكم إلا بعد أن حرق ألمانيا وبسببه مات الملايين من البشر في حرب عبثية، ومثله خوميني الذي جاء إلى الحكم عبر ثورة شاركت فيها كل القوى السياسية وشارك فيها ملايين الإيرانيين، ولكن بمجرد جلوسه على كرسي الحكم قتل وسجن وأباد معارضيه، ولم يترك تياره الحكم منذ عام 1979 حتى الآن.

إذن فالاحتكام للأغلبية وليس للشعب كما يكذب الإخوان وحلفائهم خطر كبير، ولذلك أضافت البشرية محددات أخرى للديمقراطية بالإضافة الى صناديق الانتخاب، وأهمها على الإطلاق هي حماية الحريات الفردية والعامة. لأنه من الممكن أن تتغول الأغلبية كما حدث في بلاد كثيرة على حقوق الأقليات، فالديمقراطية ليس هدفها تحصين الأغلبية، ولكن وضع الحدود الحاسمة التي لا تتجاوزها الأغلبية.

لذلك فما يردده الإخوان وحلفائهم من السلفيين حول الاحتكام للشعب مجرد طنطنة سياسية كاذبة، أضف على ذلك أنهم في عقيدتهم لا يوجد ما يسمى الشعب أساساً، فالاحتكام الحقيقي هو لـ "الله جل علاه"، ويلحقون ذلك مباشرة بأن يعينوا أنفسهم وكلاء لـ "الله" سبحانه وتعالى واذا سألت أحدهم: ماذا لو وافق الشعب على ما تتصور أنه ضد الشريعة؟

فستكون الإجابة اذا كان هذا الإخواني صادقاً، أنه سيرفض ذلك فليس من حق الشعب أن يوافق على ما يخالف شرع الله. وللحقيقة فالسلفيين أكثر صراحة منهم، فهم يقولون ذلك بوضوح ويعتبرون الديمقراطية ضلال مضطرون لأن يمارسوها حتى يصلوا الى تطبيق مشروعهم الديني، ثم ينقلبون عليها.

فالإخوان لا يتحدثون عن الشعب، فحتى هذا الشعب بأغلبيته مجرد اداة لتحقيق مشروعهم الأسود ببناء الاستبداد المحمي بالدين.

الجريدة الرسمية