رئيس التحرير
عصام كامل

يا لجنة الخمسين.. أين التغيير!


هناك في لجنة الخمسين لوضع الدستور، من طالب بالإبقاء على مجلس الشورى مع تغيير مسماه إلى "مجلس الشيوخ" وآخر من حذر من إلغاء نسبة الـ 50% عمال وفلاحين في البرلمان.. وثالث طالب بوجود مادة للعزل السياسي لنظام الإخوان والنظام الأسبق..

وهناك.. وهناك تحذيرات كثيرة.. إذن أين التغيير؟!

ولماذا أصلا إعداد وإصدار دستور جديد، طالما هناك إصرار من البعض على بقاء أشياء مرفوضة شعبيا ونخبويًا على السواء، فليس هناك اعتراض على إلغاء "مجلس الشورى" الذي جرى إنشاؤه في سبعينيات القرن الماضي للسيطرة على الصحف القومية وإخضاع الأقلام لهوى النظام، وهو ما تسبب للأسف في تراجع تلك الصحف على مستويات عديدة أوصلها لما هي فيه من أحوال يرثى لها، فتراجعت أحوال المهنة والعاملين فيها خاصة في عهد الإخوان، حتى باتت بعض المؤسسات القومية غير قادرة على دفع مرتبات العاملين فيها، وهو ما يهدد بتشريدهم!!

وبدلًا من أن يكون مجلس الشورى داعما لتلك المؤسسات وسندًا لها في عبور أزماتها، نفض يديه من مشاكلها وتركها تواجه مصيرا أسود في ظل تراكم الديون والترهل الإداري واشتداد المنافسة مع الصحف الخاصة والفضائيات والمواقع الإلكترونية، وفقدانها كثيرا من قرائها بسبب خدمتها للنظام ودفاعها عنه بالحق والباطل، ما أفقدها كثيرا من المكانة والموارد.. كما لا يخفى على أحد أن مجلس الشورى بصورته التي كان عليها غداة ثورة 30 يونيو وما قبلها كان بابًا خلفيا للمجاملات والحصانات وإرضاء بعض الشخصيات العامة وقادة الأحزاب الورقية غير الجماهيرية التي لا وجود لها في الشارع ولا في البرلمان، وهو ما مثل عبئًا ضخمًا على ميزانية الدولة، حيث بلغت الأموال التي تنفق عليه سنويا ما بين الـ200 إلى 700 مليون جنيه.

لقد عالجت "لجنة العشرة" بعض الأزمات التشريعية والدستورية وما شاب النصوص الدستورية من عوار وتشوهات، فكما ألغت مادة مجلس الشورى ومادة العزل السياسي التي أتى بها دستور 2012 التي تهدر مبدأ قانونيا ودستوريا أصيلا فلا عقوبة إلا بقانون وحكم قضائي يطبق هذا القانون، كما أن التوسع في الإقصاء كعقاب جماعي لفصيل أو تيار سياسي بعينه يجافي ما استقرت عليه مبادئ العدالة الانتقالية في الدنيا كلها بعد الثورات ويحولها إلى عدالة انتقامية تبدد كل فرص المصالحة في المستقبل.. !

ألغت اللجنة كذلك نسبة الـ 50% «عمال وفلاحين»، لما ينطوي عليه من تمييز بين المواطنين، ناهيك عما تفتحه من أبواب خلفية لتحايل وتغيير الصفة والافتئات على الفلاحين ودخول نواب إلى البرلمان متحدثين باسمهم دون أن يكونوا منهم.. الأمر الذي يعد تزويرًا لإرادة الناخبين وجريمة انتخابية كبرى سكتت عنها أنظمة متعاقبة دون أن تحاسب عليها.. والسؤال «للجنة الخمسين» بعد كل هذا لماذا عودة مناقشة هذه الأمور المختلف عليها من جديد رغم حذفها في مسودة لجنة العشرة.

يا لجنة الخمسين.. أرجوكم بلاش عودة المواد الخلافية في دستور 2012 الطائفي.. نريد إنجاز دستور توافقي يليق بثورة يناير و30 يونيو، يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة تضع حدًا للفوضى وتعيد الهيبة لدولة القانون والعدالة وتخرج البلاد من أزماتها.. دستور يحقق مطالب ورغبات كل الشعب.
الجريدة الرسمية